في وصلة بين روحي وبعض الأرواح الراحلة التي تأبى إلا أن تظل هنا...تحوم حولي لترافقني في سفر سريع مشوش لا تظهر من نوافذه الضبابية إلا بعض الألوان والإبتسامات الباهتة...المختفية خلف كواليس الذاكرة البعيدة الأمد...أدقق النظر وأنا أحاول أن أمسح عن زجاجها المليء بالتشققات..بعض الترسبات التي تحول بين خيالي وبين استرجاع تفاصيل وجهه البشوش...ونعومة صوته الخافت..وهو يسحبني من يدي بعيدا عن فضول بقية الأحفاد...ليدلف يده بجيبه في هدوء...يحني ذاك الشيب الناصع البياض نحوي...ليجعل الكلام بيني وبينه فقط...سر عظيم لا يريد أن يسمعه أحد...وهو يخرج تلك القطعة النقدية المميزة بقيمتها التي فاقت قيمة بقية العيديات ....ثم يدسها في راحة يدي الصغيرة الناعمة...أخفيها ولا تخبري الآخرين...فأمتثل لأمره.. تغمرني السعادة بذلك التميز...وتظل تلك اللحظة صورة بين صفحات ألبوماتي التاريخية...مع بعض حبات الكرز الحمراء المغرية....حين يسحبها من خلف مكتبه الوظيفي...ليقدمها لي وأنا برفقة والدي في زيارة له...وبعض من نظرات حنونة...تروح وتاتي....تداعب خيالي وذاكرتي...لتخبرني أنه رغم بعد المسافة بين الحياة والموت...رغم رحيل الأجساد إلى القبور....إلا أنها كانت موجودة في لحظة ما...لحظات تظل عالقة داخل نفوسنا كأنها تشاركنا الحياة من جديد...جدي..أحمد زروق ....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق