2015/11/24

تخويف جدتي بقلم الأديب ظافر قاسم

تخويف جدتي
==========
عندما نذكر الجدة (البيبي أو الحبوبة) في قول تعني بها الطيبة والنية الصافية وكل ما هو جميل ومنعش للذاكرة ولذلك الزمان الذي لا يتكرر .
جدتي عندما تطلب من أبنائها وبناتها الخلود إلى نومهم ويمتنعون تخيفهم ب (الطنطل) و (ألحرامي) وأي منهم يفي بالغرض يكون سرده يوميا ، لنترك الأول (الطنطل) يخلد بسلام ولا نوقظه من مخدعه ونكتفي بالثاني (ألحرامي) الذي كان مثال الرعب لكثير من الأجيال والمراحل .
ولا أخفيكم بان والدتي ورثت من جدتي هذا (التخويف) من أ...
لحرامي وكانت تسطر لنا أروع ملاحم الرعب عند امتناعنا عن النوم ، وفي إحدى الليل تجرأ احدنا وسألها وماذا يفعل ألحرامي ؟
إجابتها كانت مورثة أيضا :
بأنه يسرق الطعام من البيوت !!
ويسرق الأموال وان كانت نادرة أيام زمان !!
ويسرق محتويات المنزل وان كانت بسيطة وبدائية أيام زمان !!
وان لم يجد يسرق الأطفال !!
كم كنا سذج حينها وكم كانت أمهاتنا على قول المثل الشعبي (على نياتهم ) ، وكم كان (ألحرامي) مسكينا لتلصق به كل هذه التهم والافتراء ، فقد كانوا يحفون البيوت ليلا لكي يسرقوا حفنة طحين لإطعام عياله الجياع ، أو قدر أو (صينية) نحاسية لغرض بيعها في السوق لسد حاجة ملزمة له .
ولو تذكرنا حكايات كبار السن في مجالسهم وهم يسردون الأحاديث والقصص عن الحرامية والسرقات وكانوا يتفاخرون بهم ويصفونهم بالشجاعة حتى إننا سمعنا من احدهم قولا (بان الذي لا يسرق لا يعتبر شجاعا.....) .
لنترك جدتي وحرامية أيام زمان ونعكس إجاباتهم على شكل أسئلة تماشيا مع طلابنا الأعزاء الذين يخوضون غمار الامتحانات
من يسرق قوت الشعوب ؟
من يسرق تراثنا وحاضرنا ؟
من يسرق مستقبل أطفالنا ؟
إلف رحمه على روح حرامية أيام زمان ..وألف رحمه على روح جدتي ....
 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلانات