2017/03/01

زهرتي بقلم الأديبة : حياة مسعودي

زهرتي
======
حملَت سلة ملئى بالأزهار :ياسمين وبنفسج ، وزنابق بأزهى الألوان.مرت على المدعوات تحييهن ،وتناول كل واحدة منهن زهرتها المفضلة،وسرت في النفوس بهجة بنكهة عجيبة خالطها ضوعها الفواح ووقع الأنغام المتعالية أصداؤها بأرجاء القاعة .
اقتربت من احداهن وقالت:
-خذي التي تشتهين.
مدت السيدة يدها الى زهرة ياسمين،ومدتها أخرى إلى زنبقة، وأتبعتهما السيدات الأخريات بنفس صنيعهما.
كان بهو القاعة غاصا بالمدعوات،وكنت اجلس في ركن بعيد أرقبها من حين لحين وهي توزع بابتسامتها ألوان الجمال ،وكان يصل مسمعي صوتها وهي تردد بين الفينة والأخرى :
- خذيها سيدتي، هي لك،وحين وصلت إلي لم يكن قد تبقى في السلة شيء. نظرت إلي بخجل وهمت بالاعتذار غير أني سبقتها الى القول:
- أخذتها قبلا سيدتي ،لدي واحدة ،ورمقتها بعيني وهي تبحث عن هذه الواحدة في يدي وحيث موضع جلوسي وكانها تستفهم عن مكان وجودها ،ثم ابتسمت واستدارت بسلتها الفارغة صوب ركن،وجلست بجوارها .
كنت اتأمل السيدات وهن يشممن زهراتهن بانتشاء وقد ارتسمت على شفاههن ابتسامات عريضة ،وراحت بعضهن يتسلين بقص بتلاتها،بينما ناولتها أخريات أطفالهن الذين ابتهجوا باللعب بها ،وظللت لوقت أتامل أرضية البهو التي تناثرت عليها البتلات حتى استحالت بساطا مزركشا ،وحز في نفسي مآلها فلطالما شدني إليها حسنها وضوع عبيرها ،ثم انتبهت وانا أرفع بصري من عليها إلى صاحبة السلة وهي تلحظني بنظرة ذات مغزى وكأنها علمت بما جاش في خاطري. ابتسمنا لبعضنا، وسبقتني بعدها إلى الباب حين رأتني أتناول حقيبتي لأهم بالإنصراف،وقرأت في عينيها المسافرتين بين يدي وموضع جلوسي بحثها عن زهرتي التي زعمت حصولي عليها،فهمست في أذنها وانا اودعها بالباب :
-هذه زهرتي -واشرت بيدي إلى قلبي- هي هنا حيث لا تذوي ولا تموت ولا تسحقها قدم .
ابتسمت لي ابتسامة الرضا لما سمعت مني وقالت:
هنيئا لها بوطنها،وهنيئا للقلب بمستوطنته.
حياة مسعودي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلانات