2023/01/31

درس في اللغة العربية... أمس.. بقلم أ. د. لطفي منصور

 أ.د. لطفي منصور

دَرْسٌ في الْعَرَبِيَّةِ:

أَمْسِ

قالَ أبو العَلاءِ في لُزوميّاتِهِ: مِنَ السَّريع

أَمْسِ الَّذِي مَرَّ عَلَى قُرْبِهِ

          يَعْجِزُ أَهْلُ الأرْضِ عَنْ رَدِّهِ

مَكْسورَةُ السِّينِ ، أيْ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الكَسْرِ إذا كانَتْ مُفْرَدَةً. وَمُعْرَبَةٌ إذا أُضِيفَتْ أو دَخَلَتْ عَلَيْها أل التَّعْريف. نَقولُ في حالَةِ البِناءِ عَلَى الَكَسْرِ: 

مَضَى أَمْسِ بِما فيهِ، وَزُرْتُ أَمْسِ طَبيبًا، وَمَرَرْتُ أَمْسِ بِرَجُلٍ جَريحٍ. أمَّا أَمْسِ التي في بَيْتِ أبي العَلاءِ فَتُعْتَبَرُ مُعْرَبَةً لِأنَّها مَوْصُوفَةٌ بِاسْمِ المَوْصُولِ.

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ حاتَِمٍ الطّائِيِِّ: مِنَ الطَّويلِ

هَلِ الدَّهْرُ إلّا الْيَوْمُ أَوْ أَمْسِ أوْ غَدُ

                     كَذاكَ الزَّمانُ بَيْنَنا يَتَرَدَّدُ

فَأمْسِ هُنا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الَكَسْرِ، وَلَوْ كانَتْ مُعْرَبَةً لَرُفِعَتْ. ويلاحظُ الانقِباضُ في التِّفْعيلَةِ الثّانِيَةِ في العَجُزِ.

وَسَبَبُ كَسْرِ السِّينِ في كلمَةِ أَمْسِ لِأنَّها لَيِّنَةٌ تَقْبَلُ الْفَتْحَةَ وَتَقْبَلُ الكَسْرَةَ، كَما في قَوْلِهِمْ: أَحْسَبُ وَأَحْسِبُ والمعنَى واحدٌ.

فكَأنَّهُمْ أرادوا رَدَّ الياءِ بَعْدَ السِّينِ أمْسِي، لِأَنَّها مَأخوذَةٌ مِنْ أَمْسَيْتُ، فالياءُ في الأَصْلِ. وَأمْسَى فِعْلٌ ناقِصٌ مِنْ أَخواتِ كانَ، والياءُ لازِمَةٌ فيه فَاخْتَصَروها بِالْكَسْرَةِ.

فَإذا دَخَلَت الألِفُ واللّامُ عَلَى كلمةِ أَمْسِ أُعْربَتْ،

نقولُ: مَضَى الأَمْسُ وَجَمالُهُ، وَرَأَيْتُ الأمْسَ صَديقًا، وَمَرَرْتُ بِالأَمْسِ بِصاحِبٍ.

وكذلكَ إذا أُضيفَتُ تُعْرَبُ. فَنَقولُ: مَضَى أمْسُنا الجَميلُ، وعِشْتُ أمْسًا طَيِّبًا. 

قالَ الشّاعِرُ: مِنَ الطَّويل

مَضَى أَمْسُكَ الْماضِي شَهيدًا مُعَدَّلًا

            وَأَصْبَحْتَ في يَوْمٍ قَريبٍ إلَى غَدِ

وَقَدْ شَذّ بَعْضُ العَرَبِ فترَكوا الأَمْسَ مَخفوضًا مِثْلَ أَمْسِ قال نُصَيْبٌ: مِنَ الطّويل

وَإِنِّي حُبِسْتُ الْيَوْمَ والأَمْسِ قَبْلَهُ

            بِبابِكَ حَتَّى كادَتِ الشَّمُسِ تَغْرُبُ

———

للمُساعدة:

١ - مادَّةُ “أَمْسِ في اللِّسان، والتّاج، وَمُخْتارُ الصِّحاحِ للرّازي.

٢ - كِتابُ الإبانةِ في اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ لِسَلَمَةَ بنِ مُسْلِمٍ الصُّحاريِّ ٢: ١٥٩-١٦٠.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلانات