2018/01/14

حكاية شاعر معاصر--الشاعر بنان محمد عبد الحفيظ البرغوثي -- تقديم الأستاذ الشاعر محمد عبده القبل

الشعراء والشواعر السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نلتقيكم في ليلة جميلة
مع شاعر أجمل
في برنامجكم الاسبوعي حكاية شاعر معاصر
ضيفنا الليلة هو
🔴 أ . بنان محمد عبد الحفيظ البرغوثي
من سكان باقة الحطب /قلقيلية /فلسطين
مواليد 15/3/1971م
بدء كتابة الشعر العمودي منذ نعومة أظفاره وجمع كتاباته الشعرية والنثرية الأولى وهو لا يزال طالبا في ديوان اسمه (أول الطريق ) قدمه د . يحيى عبد الرؤوف جبر ونشرته الدار الوطنية آن ذاك على ما أظن عام 1996م
شارك في عدة مهرجانات ثقافية أهمها في وزارة الثقافة الفلسطينية وحصل على لقب شاعر العودة لعام 2015
عضو في مجلس إدارة الملتقى الثقافي العربي
له مجموعة شعرية ضخمة جاهزة للنشر مكونة من أكثر من مئة وثلاثين نصا شعريا خليليا
🔴من قصائده
📌خبر المصالحة
ربوعك يا بلادي إذْ تُسَوّى
معا تُبنى ومحتلٌّ يغورُ
على خبر المصالحةِ انتشينا
فنارُ الحربِ مرتعها السَّعيرُ
إلى الشعراء أبعثها نداءً
شعار الصلح موقعه كبيرُ
فعزِّزْ يا أخي الإصلاحَ حتى
نُوَحَّدَ أو يصيرَ لنا زئيرُ
بوحدتنا نحرِّر كلَّ شبرٍ
من الوطن السَّليب له عصورُ
إذا عرب العروبة قد تخلَّوا
عن الأقصى فهل تبقى القصورُ
سيسقط عرش من سمع الضحايا
تنادي منْ لها إذْ تستجيرُ
ويخسأُ كلُّ مأجورٍ بمالٍ
تآمر ضدَّ أبطالٍ تزيرُ
تزير على العدوِّ لِنَصْرِ شعبٍ
صروف الدهر علَّمها تثورُ
فلا يثنيه إرهابٌ وقتلٌ
دمُ الشهداء مسكٌ أو عطورُ
أُزَكّي ما جرى وطني كطيرٍ
بأجنحةٍ تجاذَبَها الغَرورُ
جناحٌ ضفَّتي والقلبُ قدسي
وآخرُ غزَّتي منها العبيرُ
وباقي الأرضِ جسمكِ يا بلادي
كما يافا أريحا لا تطيرُ
إذا اتحدتْ أيادينا عليهم
فيخسأُ منْ يخونُ ومنْ يدورُ
حماسُ تحاورتْ والفتحُ لبّى
إذا شهقَ العدوُّ له زفيرُ
يهدِّدُنا بقطعِ المالِ عنّا
وهل مالُ العدوِّ لنا نصيرُ
وهدَّدَنا بنارٍ من حميمٍ
إذا القسّامُ غرَّدَ والصُّقورُ
فإنّا لا نخافُ النّارَ إنّا
لها الصُّنّاعُ معدننا الصّخورُ
نهزُّ الأرضَ تحتَكُمُ ونرمي
صدورَكُمُ بنارٍ لا تنيرُ
ونجعلُ من نهارِكُمُ سوادا
فنصرُ الله آتٍ والسُّرورُ
بلادي عزَّةٌ يافا وحيفا
وعكا والخليلُ بها نسيرُ
ونابُلْسُ الأبيَّةُ أو أريحا
وقلقيليَّةُ الأبطالِ نورُ
ولا ننسى بناتَكِ يا بلادي
جنينُ وربعها منها النّسورُ
جواركِ قدسَنا في الرّامِ أُسْدٌ
كذا سلفيتُ أغنتها البذورُ
وكرميٌّ بلادُ الخيرِ هذي
تجارتها وربّي لا تبورُ
مكانَكِ مريمَ العذراءَ هُزّي
إليكِ بجذعِ نخلَتِكِ الفطورُ
ويا زعماءنا هذا صراعٌ
فليسَ النَّصْرُ إنْ قُلِبَ الأميرُ
فمن لي يا زعيمَ القومِ مالي
يُعَوِّضُ ضاعَ مالا منْ يعيرُ؟
وكمْ مثلي تكدَّرَ في مُصابٍ
بحقٍّ ضاعَ ليسَ له ظهورُ
فأسعفْنا أيا نبراسُ إنّا
منَ الظُّلمِ الَّلعينِ بنا نُفورُ
وهذا الشِّقُّ قد أضحى سرابا
نبدِّدُهُ إذا وصل الذَّخيرُ
بداري أفتديكَ إذا ديارٌ
عليكَ تضيقُ داري تستنيرُ
بكَ اسطعْنا نُسَقِّفُ بيتَ عِزٍّ
فتأوينا إذا ضاقت صدورُ
فهل من موصلٍ قولي لبحرٍ
رسالتنا ينظِّمُها الغديرُ
وكم أرسلتُ قولي في قريضٍ
فما بلغ القريضُ ولا الخميرُ
فهذي شارةٌ منّي إليكم
تقَصَّدَ ظهرُنا والعيرُ عيرُ
أقول قصيدتي والقلبُ يغلي
أما بالزَّيتِ يشتدُّ السَّعيرُ
ألا والصّدرُ يلهبُ من زفيرٍ
فقد يحتدُّ إنْ حُبِسَ الزَّفيرُ
وأيمُ الله مسألتي لحقٍّ
وعدلٍ مالَ عدِّلْ يا أميرُ
فجرْيُ الماءِ يُسمعُنا خريرا
فجفَّ الماءُ من أينَ الخريرُ؟
فتلك قصيدةٌ كُتِبَتْ لتبقى
تبلِّغُ ما سها عنه الخبيرُ
مشاعرُ شاعرٍ شعرتْ بشعرٍ
لتُشعِرَ بالذي فعل الشُّعورُ
تبوحُ جواهري درَرا تسامى
كما ناحتْ على الجُزُرِ البعيرُ
وتذرف من قلائدها جمانا
على صدرِ الكتائبِ تستديرُ
من العليا إلى السفلى نزولٌ
من الأولى إلى الأخرى حريرُ
وهذا القولُ يسمعه أصَمٌّ
وهذا الشِّعرُ يقرؤه الضَّريرُ
فلا عذرٌ لمن زعم التأنّي
وهل تشفي من السَّقَمِ الخمورُ؟
فصاحبْ ذا الصفاتِ الشُّمِّ تحيا
على أشكالها تقعُ الطّيورُ
وحاذرْ من صديق السَّوء تسمو
فما تزرعْ ستحصدُ يا سميرُ
وغامرْ للمعالي كنْ طموحا
ولا تبركْ كما بركَ البعيرُ
الشاعر بنان البرغوثي
📌إلى الجزائرِ
إلى الجزائرِ قلبي اليومَ متَّجِهٌ
أسيحُ في عتباتِ الشَّوقِ والكتبِ
وللجزائرِ كم أشتاقُ يا كَبِدي
شوقَ الحبيبِ إلى محبوبه الطَّرِبِ
أهلي وَرَبْعِيَ أَنْتُمْ يا أحِبَّتَنا
أنتمْ كرامٌ وأنتمْ لُجَّةُ الشُّهُبِ
الخيرُ فيكم ومأمولي زيارتكم
ففي الجزائرِ أهلي ليسَ بالكَذِبِ
علمٌ وأخلاقٌ في سيماكُمُ هِمَمٌ
على الخلائقِ أنتمْ نهضةُ الأدبِ
هي الجزائرُ أختُ القدسِ يا وَلَدي
بغدادُ باكيةٌ والشام في نَصَبِ
صنعاءَ قد قسموا واستحلبوا قَطَراً
واسترهبوا مُدُناً من واحةِ العربِ
يا ويحَ أمَّتِنا كمْ سادَها خُشُبٌ
رُوَيْبِضاتٌ عَنِ الزَّلّاتِ لم تَتًبِ
يا للجزائرِ كم أهوى منازلَها
فيها البهاءُ تجلّى ساطعاً كأَبي
حَيِّ الجزائرَ أبطالُ العروبةِ هُمْ
أهلُ المحبَّةِ والإكرامِ كالسُّحُبِ
الشاعر بنان البرغوثي
📌اللغة العربية
لغةُ البيان وتحفةُ الأجدادِ
روضُ الكتابِ أيا لسانَ الضادِ
وضعوكِ في قفصِ اتِّهامٍ كاذبٍ
هزلوا وضاعوا تَوَّهوا أحفادي
قسماً سنبعثُ من جديدٍ عزَّها
بيدٍ حديدٍ رغمَ أنفِ العادي
لغة الرسولِ محمدٍ يا جنَّتي
محفوظةٌ بدفاتري وفؤادي
لغة الجمال جميلةٌ بفنونها
لغة العلوم جزيرةُ الأمجاد
كم قال فيك الشِّعرَ فرسانُ الحمى
فازدانَ قولُهُمُ بحِفْظِ الهادي
محفوظةٌ لغتي بحفظِ كتابِنا
فاللهُ ضامنُها من الإبعاد
الشاعر بنان البرغوثي
📌باقة الحطب
يا باقةَ الحطبِ التي أبصرتهـــــا
رمزَ الشموخِ على الجبال الراسيةْ
البحرُ غازلها طويـــــلا وانثــنى
وغدا يراسلها نسائـــــمَ زاهيــــــةْ
باتت تراقبه حزينـــا لا يـــــرى
إلا الشموخَ من التلال الرابيـــــــةْ
هذي التي نطق الزمانُ بأهلهــــا
علما وجودا والصفات الراقيــــــةْ
بلدٌ إذا الزيتونُ مـــــال بغصنـــه
غنى له رمانُــــــها سمفونيــــــــةْ
يا بلدتي يا موطني وتوســـــــدي
أنتِ الجمالُ وفيكِ أغلى مالِيـــَـــةْ
المسجدُ العمـــــريُّ أولُ معلـــــمٍ
فيها ومسجدُ نورها ذو العاليـــــةْ
أبناؤها غرٌّ نشامـــــى مؤمــــــنٌ
وبناتها شُمٌّ كــــعابٌ هانيــــــــــةْ
بالعلم زانوها وأجمـــــلُ ما بهــم
أخلاقهم واحاتُ حُسْنٍ ساميــــــةْ
أما صروح العلمِ فيهـــــا لو ترى
يا خِلُّ منبتهــــم سنابلُ واعيـــــةْ
بلــــدي هواها عزَّ ليس كمثلــــه
يا خِلُّ مسكٌ أو زهورٍ زاكيــــــةْ
اللوزُ والرمانُ غطى أرضهــــــا
والتينُ والزيتونُ خضرٌ دانيـــــةْ ولقد عشقنا الزهرَ من زعرورها
والصعترُ الحَرّيفُ والميرَمِيَـــــةْ
قد علمتنا الصبر من صبّارهـــــا
وزرعت فيها الفجلَ والفاصوليةْ
فيها رموزُ العلم طلابُ العــــــلا
نشروا المحبةَ يشبهون الساقيــةْ
تجارُها كرمٌ وجودٌ ســــــــطَّروا
بعطائهم سبُلا لأيْــــدٍ ساخيـــــةْ
يا بلدتي رمزُ الوقارِ نساؤهــــــا
وبناتها خودٌ عذارى صاغيـــــةْ
يا قريتي يا بلدتي يا وردتــــــي
أنتِ الحضارةُ أنتِ أسمى ساريـــةْ
المالُ والأهلونَ فيكِ حبيبتــــــي
وقد احتضنْتِ الأولينَ وأهلِيــــــــةْ
أسموكِ باقةَ من ورودكِ أنتِ يا
علَمٌ يضيءُ على الجوارِ الساجيـةْ
غنى لكِ الشعراءُ أجملَ نغمــــةٍ
ولكِ السلامُ وفيكِ أحلى أُغْنِيـــــــةْ
الشاعر: بنان البرغوثي
📌تلاوة القرآن الكريم
تلوتُ من الكتاب الآيَ حبًّا
لها في القلبِ أنغامٌ عِذابُ
طلبتُ من الإله بها رجاءً
يُخَفَّفُ من تلاوتها العذابُ
تلاوةُ آيةِ القرآن قربٌ
من الرحمن إنْ صلّوا وتابوا
فيبقى العبدُ مكتئبا حزينا
يزول الهمُّ إنْ للذِّكر ثابوا
وآيُ الحسنِ في الفرقان نورٌ
لِهَدْيِ النّاسِ قد ذكرَ الكتابُ
لنا في الذِّكْرِ آياتٌ عِظامٌ
يفوز المقتدي اقترب الحسابُ
فخيرُ العلمِ بحثٌ في المعاني
وتفكيرٌ بها إذْ ما أصابوا
وفي القرآن أحكامٌ غِلاظٌ
لها في الفقهِ أبوابٌ وبابُ
وأحكام التِّلاوةِ عند حفصٍ
وورشٍ لا يناقضها جوابُ
وغيرهما لديهم فيه رأيٌ
فمن بلغ الصواب له ثوابُ
وإنْ هُجِرَتْ تلاوته ببيتٍ
مصيرُ البيت إنْ ظلّوا خرابُ
لِمَ التقصيرُ يا أبناءَ ديني
ففي القرآن علمٌ واكتسابُ
وربُّ العرشِ أرشدَنا لِهَدْيٍ
هو القرآن وعْدَ اللهِ هابوا
هو الشيطان يبعدنا ويثني
عن القرآن أوجعه الشِّهابُ
فغَيَّرَ أنفُسا ضعُفَتْ ويسعى
لقطعِ الوصلِ إنْ سمعَ الشَّبابُ
أخي في الله للآياتِ لحنٌ
فأحكامُ التلاوة تستطابُ
فإدغامٌ وإخفاءٌ ومدٌّ
وإقلابٌ وإظهارٌ نصابُ
وترقيقٌ وتفخيمٌ وسكتٌ
وفي القرآن شاراتٌ رِحابُ
وقلقلةٌ وترخيمٌ ورومٌ
كذا للرّاء واللام اقترابُ
وإشمامٌ وهمسٌ ثمَّ غنٌّ
ووصلٌ تلك أحكامٌ رِغابُ
وإنَّ اللحنَ في القرآن عيبٌ
على القرّاء إنْ لحنوا يُعابوا
كذا حكمُ التلاوة يا صديقي
وجوبٌ لا يخالطه سرابُ
وللقرّاء عند الله أجرٌ
من الجنّات إنْ همْ قد أنابوا
وفي الترتيل للقرآن ذكرٌ
دعاء الذّاكرين سيستجابُ
كتابُ الله موصولٌ بقولٍ
شريفٍ منه قد وَضُحَ الكتابُ
الشاعر بنان البرغوثي
📌بقصة قصيرة مذيلة بقصيدة شعرية عنوانها رحلة إلى يافا والنص هو : رحلة إلى يافا
وصلنا مزرعة الفلفل , بالقرب من مطار اللد , وعند الغروب , حيث كان صاحبُ العمل قد أحضر لي طعاما وشرابا وبعض السجائر, وقال لي ابقَ هنا وسأعود إليك وسأحسب لك هذا اليوم يوم عمل , وبالفعل تناولت طعامي وشربت علبة عصير كان قد أحضرها مع الطعام , وإذا بالوقت أخذني وأصبحت الساعة الحادية عشرة منتصف الليل.
أين سأنام؟
وماذا أفعل؟
لم يكن لدي أية وسيلة اتصال ولا مال في ذلك الوقت , كانت الانتفاضة الأولى في بدايتها (انتفاضة الحجارة) .
ماذا سأفعل ؟
قررت البيات بين صناديق الفلفل , وبالفعل نمت وعند شروق الشمس استيقظت, وتوضأت للصلاة, وفي الساعة الثامنة صباحا إذا به قادم (صاحب العمل) فقلت له:
أين ذهبت ؟
وكيف تركتني وحدي هنا؟
ألم تقل لأخي بأن مكان النوم جاهز؟
- حيث إنني كنت في السادسة عشرة من عمري آنذاك , وتعرفت إلى هذا الرجل اليهودي المغربي عن طريق أخي الذي كان يعمل في مسمكة في مدينة يافا, وطلبت منه ذات يوم البحث لي عن عمل , وكان يعرف هذا الرجل الذي يدعى (ماير ليفي) , وبالفعل طلب منه أن يحضرني إليه وأنه بحاجة إلى عامل في مزرعة الفلفل – فاعتذر وقال : صدقني لقد شغلت حيث تعطلت السيارة معي ولم أستطع الإتيان إليك, فلا عليك واليوم أيضا سأحسب لك يوم عمل , وأخذني إلى شقة راقية فيها كل وسائل الراحة وثلاجة ملآى بأنواع الطعام والشراب وترك ثلاث علب سجائر, وقال لي: العمل سيبدأ غدا .
تركني وذهب ولم يعد, كان قد التقى بأخي في مدينة يافا , فسأله عني , فقال له: إن العمل لم يعجبْني وأنني طلبت منه أن يوصلني إلى مدينة قلقيلية ومنها إلى قرية الفندق حيث أقرب نقطة إلى قريتي, لهذا كان أخي مطمئنا عليَّ , فكان يظن أنني في البيت عند أهلي, وبنفس اليوم في منتصف الليل , دبَّت الوساوس في رأسي, لا أعلم لماذا , وكأن الله ألهمني , فقررت الخروج إلى الشارع, فكان أكثر ما يزعجني صوت الطائرات واحدة تهبط وأخرى تقلع, طوال الوقت , فما إن خرجت إلى الشارع حتى توجهت إحدى سيارات الأمن الليلي هناك في(مشاف اللد) (البيتاحون) ونزل ضابطان وسلطا الضوء العالي نحو عينيّ والسلاح أيضا كان موجها نحو رأسي وصدري, وطلب مني أحدهم أن أبقى ثابتا مكاني وأن أية حركة مني قد تودي بحياتي, كلمته بصوت عالٍ ويداي تلوحان أعلى وأسفل, فقلت له: إنني لا أحمل شيئا وأنني تائه وظللت متجها نحوه, وبالفعل ظل الضوء موجها نحوي أما السلاح فأنزله وطلب مني الاقتراب منه, وبعدها سألني : ما الذي أوصلك إلى هذا المكان؟ فأخبرته القصة.
وعندما ذكرت له اسم صاحب العمل(ماير ليفي) اندهش وكرر اسمه مرات وأخذ رجال الأمن يتبادلون النظر, ولم أكن أفهم شيئا, وما كان من الضابط المسؤول إلا وطلب مني الركوب في السيارة , فأخذني إلى منزله وكان قد أخبرني أن هذا الرجل – صاحب العمل – تاجر مخدرات ومهرب مواد ممنوعة, وأن الله قد رحمني إذ خرجت, حيث كان يخطط لقتلي , ويعمل ضمن عصابة منظمة ولا أعرف أين سيكون مصير جثتي بعدها, لماذا ستستغل؟
وأين ستذهب؟
وبعدها طلب من زوجته أن تحضر لي طعاما , وهدَّأ من روعي, وأخبرني أنه يهودي يمني , وامتدح اليهود اليمنيين, وذمَّ اليهود المغاربة وحذرني منهم.
وبعدها طلب مني رقم هاتف ليتصل بأحد أقاربي أو إخواني ولكنني لم أكن أملك أي رقم, وأخيرا قلت له أن إخوتي يعملون في مدينة يافا, وبالصدفة ذكرت له اسم صاحب حانوت خضار في شارع يافا الرئيس, وإذا به يعرفه وهو أحد زبائنه, وكان العامل الذي يعمل لديه أحد أبناء عمي, فاتصل برقم الحانوت وسلم على صاحبه وأخبره القصة, وطلب منه ألا يغلق الحانوت , وبالفعل شغل محرك السيارة , وطلب مني الركوب , وأطلق لها العنان إلى يافا, وعندما وصلنا الحانوت إذا بإخواني وأبناء عمومتي وصاحب الحانوت ينتظرونني, وكانت علامات الدهشة ترتسم على وجوههم .
ولم أكن حينئذٍ أعرف السبب, ولما سألتهم عن السبب, أخبروني بأن صاحب العمل كان قد أخبرهم أنني ومنذ اليوم الأول في البيت عند أهلي.
وفي اليوم التالي تجهزنا للانتقام من صاحب العمل, لفعلته هذه, فطلب مني أخي ألا أظهر حتى يعيد سؤاله عني, وبالفعل دخل عليه وسأله: أين أخي؟ فقال له بكل ثقة: قلت لك أنه رفض العمل وأوصلته إلى الفندق(اسم قرية مجاورة لقريتي) . وفي هذه الأثناء ظهرت , فدهش ولم يعرف ماذا سيقول, وبدأ العتاب, وكان أخي قد حمل معه سلسلة حديدية , ونزل فيه يمينا وشمالا, حتى شفينا غليلنا, وخرجنا آنذاك (رحم الله تلك الأيام) كالعرابيد في شوارع يافا, عروس البحر وعدت لأكمل دراستي الثانوية ومن ثم الجامعية.
رحم الله تلك الأيام أيام يافا وأيام مطعم - أبو العافية – آه:
إلى يافا أحنُّ ولا أبالي
إذا غضبتْ أريحا والجبالُ
أريحا أختُها أَتَغارُ منها
فحبي أختَها في الخدِّ خالُ
شواطئُها عروس البحر لمّا
تسير بها تعانقك الرمالُ
لسحرِ جمالها عيناك ترمي
سهامَ نواظرٍ نِعْمَ الجمالُ
ليافا قصتي أهدي شذاها
وعطرَ الزهرِ أهدى البرتقالُ
وأيامٌ بيافا لستُ أدري
خيالا أصبحت نِعْمَ الخيالُ
وهذي قصة في قلب يافا
جرتْ أحداثها صَدَقَ المثالُ
أفي الأمسِ القريب هجرتُ يافا
فيومي حيرةٌ وغدي مُحالُ
جبالُ الضِّفَّتين بكتْ عليها
من الصحراءِ لو يأتي القتالُ
هُمُ الأشرارُ قد وضعوا عليها
أياديهم أما هذا احتلالُ؟
وكم من مثلها حيفا وعكا
جيوشُ الذلِّ يرعبها النِّضالُ
بقلب القدس أقصانا ينادي
لتحمِيَهُ من القيد الرِّجالُ
بنو صهيون أرعبَهم نداءٌ
من الأقصى أليس لهم زوالُ؟
بيافا ساكنٌ قمرٌ عريقٌ
فقد حدَّتْ لغيبته التلالُ
مساجدُ ههنا وهناك كُنْسٌ
مساجدنا يغَشّيها اعتلالُ
ويا يافا اعذريني ليس مني
جفاؤكِ يا حبيبةُ لا يُشالُ
وكم في بحرها أودعت سرّي
وهل في البحرِ أسرارٌ تُطالُ؟
على رملِ الشواطئ رَسْمُ شعري
وهل في الرمل يبقى ما يُقالُ؟
نسيمُ البحر يدمِلُها برملٍ
كما الآثارُ يدملها الدُّبالُ
إلى يافا أحنُّ وأهلِ يافا
وهل يُقضى أزورُكِ يا منالُ
الشاعر بنان البرغوثي
الأستاذ بنان محمد عبد الحفيظ برغوث
من باقة الحطب /قلقيلية
🔴فضلا
1_إقرأ للشاعر
2_تحدث عنه في تعليق
3_رسالتك اليه في تعليق
🔴بهذا نكون قد وصلنا معكم الى ختام قراءتنا لحلقة الاسبوع متمنين لكم ليلة جميلة وقراءة ماتعه
تقبلوا تحايا إدارة مجلة غذاء الروح والفكر وفرسان الشعر
معد ومقدم البرنامج
محمد عبده القبل
الترشيح والتقييم
د. نبيل الصالحي
التصميم
أ. عبد الصمد الزوين
الاشراف والمتابعة والتكريم
أ. نهلة أحمد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلانات