2016/12/27

شعراء العربية في الاندلس بقلم د فالح الكيلاني ( صفوان بن إدريس الاندلسي )

موسوعة شعراء العربية
المجلد السادس - الجزء الثاني
شعراء العربية في الاندلس
بقلم د فالح الكيلاني
 ( صفوان بن إدريس الاندلسي )

هو ابو بحر صفوان بن إدريس بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن
عيسى بن إدريس التُّجيبي المرسي. 
ولد بمدينة ( مرسية ) سنة \ 561 هجرية – 1165 ميلادية وفي رواية اخرى ولد سنة \560 هجرية – 1164 ميلادية 
ودرس فيها وتتلمذ على ايدي شيوخ ثقات منهم ابن مغاور عبد الرحمن بن محمد وابن مضاء احمد القرطبي وابن حوط الله وابن بشكوال خلف بن عبد الملك و ابن رشد محمد بن احمد الاندلسي العالم المعروف فنشأ اديبا شاعرا وكاتبا جمع بين الشعر والنثر واجاد فيها ثم رحل الى مراكش فقصد دار الخلافة مادحاً فما تيسر له شيء .فهم بالرجوع الى الاندلس وبينما هو عازم على الرجوع طلبه الخليفة ليكون شاعرا في بلاطه فيقول فيه مادحا :
حكمتم زمنا ً لولا اعتدالكم
في حكمكم لم يكن للحكم يعتدل
فإنما أنتم في أنفه شمم
وإنما أنتم في طرفه كحل
يرى اعتناق العوالي في الوغى غزلا
لانّ خرصانها من فوقها مقل
ثم بعد مدة من الزمن قفل راجعا الى الاندلس ليعود الى( مرسية ) من جديد ويسكنها فقد احبها وقال الشعر في رياضها الجميلة :
وكأنما أغصانها أجيادها
قد قلّدت بلآلىء الأنوار
ما جاءها نفس الصبا مستجدياً
إلا رمت بدراهم الأزهار
توفي في سقط راسه بمدينة ( مرسية سنة\ 596 هجرية – 1201 ميلادية ودفن في مقابرها .
كان كاتباً بليغاً وشاعراً بارعاً ومن أعيان أهل المغرب كان من جله الادباء وافاضلهم ، وأعيان الرؤساء، فصيحاً جليل القدر، له رسائل بليغة، وكان من اصحاب الفضل والدين .له رسائل بديعة، وقصائد جليلة في الغزل والوصف وله رثاء. امتاز بحسن الارتجال، وسرعة البديهة.
ويتسم شعره بسهولة اللَّفظ، وسلاسة التَّعبيرات، مشوبٌ بالطَّرافة، كثير الاتِّكاء على الطَّبيعة، بارعٌ في الأخذ منها يقول متغزلا :
أمرنة سجعت بعود أراكِ
قولي مولّهة علام بكاك
أجفاكِ إلفك أم بليت بفرقة
أم لاح برق بالحمى فشجاك
لو كان حقاً ما ادَّعيت من الجوى
يوماً لما طرق الجفون كراك
أو كان روّعك الفراق اذاً لما
صنّت بماء جفونها عيناك
ولما ألفت الروض يأرج عرفه
وجعلت بين فروعه مغناك
ولما اتخذت من الغصون منصة
ولما بدت مخضوبة كفاك
ولما ارتديت الريش برداً معلماً
ونظمت من قزح سلوك طلاك
لو كنت مثلي ما أنفت من البكا
لا تحسبي شكواي من شكواك
وله في الوصف ::
والسرحةُ الغنَّاء قد قبضت 
كفُّ النَّسيم على لواءٍ أخضر
وكأنَّ شكل الغيم مِنْجَلُ فضَّةٍ 
يرمي علىالآفاق رطب الجوهر
ومن شعره همزيَّته المشهورة بين الأدباء، منها:
جاد الرُّبا من بانة الجرعاء 
نَوْءان من دمعي وغيم سماءِ
فالدَّمع يقضي عندها حقَّ الهوى 
والغيم حقَّ البانة الغنَّاءِ
يا منزلاً نَشِطَتْ إليه عَبْرتي 
حتَّى تبسَّم زهرُه لبكائي 
هل نلتقي من روضةٍ موشيَّةٍ 
خفَّاقة الأغصان والأفياءِ 
وقال في مدح الحبيب المصطفى محمد صلي الله عليه وسلم :
تحية الله وطيب السلام
على رسول الله خير الأنام
على الذي فتح باب الهدى
وقال للناس ادخلوها بسلام
بدر الهدى سحب الندو الجدا
وما عسى أن يتناهى الكلام
تحية تهزأ أنفاسها
بالمسك لا أرضى بمسك الختام
تخصَّه مني ولا تنثني
عن آله الصِّيد السراة الكرام
وقدرهم أرفع لكنني
لم ألف أعلى لفظة من كرام
كتب عنه لسان الدِّين بن الخطيب فقال :
( أمَّا نثره فيمتاز بجودة السَّبك، وقصر الجمل غالباً، وينأى عن الغريب، بيدَ أنَّه لا يجافي التكلف في السَّجع، ولا يخلو منطرافة الفكرة)
وذكره ياقوت الحموي، فقال: 
( كان شاعراً سريع الخاطر... وهو أحد أفاضل الأدباء بالأندلس) و ذكر له ديوان شعر، 
وله تآليف وكتب أدبية معتبرة منها: 
1- (زاد المسافر وغُرّة محيَّا الأدب السَّافر) وهو تتمَّة لقلائد العقيان لابن خاقان
2- (عجالة المتحفز و بداهة المستوفز) ويُعرف اختصاراً بالعجالة، ويقع في مجلدين يتضمَّنان طرفاً من شعره و نثره
3- (الرِّحلة) وتضم بعض شعره.
واختم البحث بهذه الابيات الرائعة من شعره :
يا حسنه والحسن بعض صفاته
والسحر مقصور على حركاته
بدر لو أن البدر قيل له اقترح
أملاً لقال أكون من هالاته
والخال ينقط في صحيفة خدّه
ما خط حبر الصدغ من نوناته
وإذا هلال الافق قابل وجهه
أبصرته كالشكل في مرآته
عبثت بقلب محبّه لحظاته
يارب لا تعبث على لحظاته
ركب المآثم في انتهاب نفوسنا
الله يجعلهنَّ من حسناته
ما زلت أخطب للزمان وصاله
حتى دنا والبعد من عاداته
فغفرت ذنب الدهر منه بليلة
غطت على ما كان من زلاته
غفل الرقيب فنلت منه نظرة
يا ليته لو دام في غفلاته
ضاجعته والليل يذكى تحته
نارين من نفسي ومن جناته
بتنا نشعشع والعفاف نديمنا
خمرين : من غزلي ومن كلماته
حتى إذا ولع الكرى يجفونه
وامتدّ في عُضديّ طوع سناته
أوثقته في ساعدى لأنه
ظبي خشيت عليه من فلتاته
فضممته ضمَّ البخيل لماله
يحنو عليه من جميع جهاته
عزم الغرام عليَّ في تقبيله
فنقضت أيدي الطوع من عزماته
وأبى عفافي أن أقبل ثغره
والقلب مطوّيٌ على جمراته
فاعجب لملتهب الجوانح غلة
يشكو الظما والماء في لهواته
امير البيـــــــــــان العربي
دفالح نصيف الحجية الكيلاني
العراق- ديالى - بلدروز
************************

انتهى المجلد السادس (شعراء العربية في الاندلس ) من موسوعتي( شعراء العربية ) ويليه المجلد السابع ( شعراء الفترة الراكدة ) ان شاء الله
.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلانات