2020/02/02

العالم والجاهل--✍️مبارك البحري

العالم والجاهل
سبحانك اللّهمّ شارحَ الصّدرِ بكلِّ عروضٍ من ضروبٍ، إيّاك أشكر : لأنّك به جديرٌ، وإيّاك أحمد لأنّك له أهلٌ أسألك السّلامةَ منَ التّغييرِ بالخزلِ والإجحافِ وأستمنحك الفضلَ المجرّدَ من علّةٍ وزحافٍ أما بعد
فإنّي خرجتُ يوما بعدما انبلج الصّبحُ فرأيتُ العالمَ والجاهلَ يتخاصمان، وإليهما قربتُ بعدما لاحظتُ هذا من شأنهما كي أصلح ما بينهما. وبالحكمة والموعظة الحسنة وعظتُهما مقتديا بقوله سبحانه وتعالى { ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }
وعن سبب الخصومة بحثتُ أوّلا فرأيتُ في الأخيرِ أنّ الجاهلَ يرى العلمَ تكلّفا ولوما والعالمَ يرى الجهلَ تخلفا وذمّا،
ولمَ يعلما أنّنا اليوم نطلب العلمَ لنبلغَ غايته مهما بدأناه بالنّقيصة. وكنّا نطلبه لِننقص في كلّ يومٍ من الجهلِ ونزدادَ في كلّ يومٍ من العلمِ. ولكي لا يكون كلامي مجرّد هذاء أرجو منك أيّها الجاهل أن تطلب العلم لأنّ أحد السلف قد حثّنا عليه حيث قال : اطْلب العِلْمَ مِنَ المَهْدِ إِلَى اللَّحْدِ، وَمِنْ هَذَا نَفْهَمُ أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْنَا لِأَنَّهُ أَصْلُ كُلِّ شَيْءٍ وقد قِيْلَ :: أَصْلُ العِلْمِ الرَّغْبَةُ، وَثَمَرَتُهُ السَّعَادَةُ وَأَصْلُ الزُّهْدِ الرَّهْبَةُ وأيم اللّه يُثْمِرُ عَلَيك شرفه ويُنْمِي عليك فضله لأنّه أشرفُ ما رغّب فِيْهِ الرَّاغِبُ وأَفْضَلُ مَا طَلَبَ وَجَدَّ فِيْهِ الطَّالِبُ وَأَنْفَعُ مَا كَسَبَهُ وَاقْتَنَاهُ الْكَاسِبُ. وأن لا تصاحبَ أحدًا من النّاس إلاّ ذا فضلٍ في العلم لأنّ من صاحب العلماءَ وُقّر ومَنْ جالس السّفهاءَ حُقِّرَ
ولا تكن كمن من منعه مِنْ طلب العلم ما يظنّه مِنْ صعوبته وبعدِ غايته ويخشى من قلّة ذهنِهِ وبعد فطنتِهِ أقول لك هذا لأنّه الظّنّ اعْتذار ذوي النّقص وخيفة أهل العجزِ واعلم أنّ الأخبارَ قبل الاختبارِ جهلٌ والخشيةَ قبل الابتلاء عجزٌ. وأيّها العالم لا أنغمس في كلامك كثيرا لأنّك قد مُنحتَ لذّة العلمِ وعُلمت أنواع العلومِ ولكن أبتهل إلى اللّه أن يدفع عنك الحورَ بعد الكورِ.
فبهذا وُفّقتُ بإصلاح ما فسد بينهما من المخاصمة الشّديدة

✍️مبارك البحري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلانات