2020/02/02

" هَكذا أخبرتُ حَبيبَتي" - بِقلم::: الشاعر المبدع: مُهنّد ع صقّور جبلة .. السّخابة

" هَكذا أخبرتُ حَبيبَتي"
.......................................

لِمَنْ تَكتَبُ الشّعرَ ..؟ وكيفَ تكتبهُ .؟ وهل تُمارِسُ في كِتابتهِ طُقوساً مُعيّنةً أم تكتبهُ عفوَ الخَاطِر.؟ ومَنْ يسكنُكَ مِنَ الشّعراء .؟ وهل تَنتمي لِمدرسةٍ بعينها مِنْ مدارسِ الشّعر .؟ أسئِلةٌ طرحتها عليّ القصيدةُ ذاتَ كِتابةٍ .
.........................................

..............................." قصيدَتي / حبيبَتي"
وَلأنّني العاشِقُ المُتيّمُ بحبيبتي القصيدة .., والوفيّ لها وفاءً يكادُ يكونُ مُطلَقاً .., ولِأنّها معشوقتي المُفردَةُ الأغلى .., ولِأنّها وحدها التي أسرتني وجذبتني وامتلكتني " كُلّاً وبعضاً .., ولِأنّها بئرُ أسراري البعيدِ القرارِ أقولُ لها وهيَ النّبضُ والهسيس :
أكتبُ الشّعرَ لِأهلِ الشِّعرِ والذّوقِ أوّلاً .., وأكتبهُ لِلذينَ يتوقونَ لِسمَاعِهِ توقهم للهواءِ والماء ., وأكتبُهُ لِأولئكَ الذينَ يعتبرونهُ جوازَ سفرِهم نحو الانشراحِ والسّعادةِ والغِبطة .., وأكتبُهُ لِلذينَ يُحبّونَ كلامَ السّماءِ ويطلبونهُ مِنْ خلالِ قطراتِ المطرِ المُنهَمِرةِ .., وخيوطِ الشّمسِ المُنبسِطةِ فوقَ سطوحِ الدّاراتِ المُتناثرةِ هُنا وهُناك .., وأكتبهُ لِلمؤمنينَ بِأنّهُ ابنُ " الضّادِ " الأغلى .., المؤمنينَ بِهِ بُراقاً يعرُجُ بِهم نحو الخلاصِ المنشودِ .., لِهؤلاءِ وفقط أكتبُ الشّعر .

ولِأنّ هؤلاءِ يستحقونَ أنْ أكتبَ لهم شِعراً وجدتني ومُذْ تهجّيتُ الأحرفَ لِأوّل مرّةٍ مُلزماً بالكتابةِ سواءَ كانت هذهِ الكتابة بنبضِ القلبِ أو هسيسِ الرّوحِ .., أو وجيبِ الأضالِعِ .., أو بهذا الحِبرِ المَعروفِ المُستخدمِ في كُلّ أنواعِ الكتابة ., أقولُ مُلزماً وأؤكّدُ على كلمةِ " مُلزم " لأنّ الكتابةَ مسؤوليّةٌ وأمانةٌ ورِسالةٌ .., ولِأنّها موقفٌ ومبدأٌ .., ولِأنّها هُويّةُ صاحِبها شاءَ أم أبى .., وتحتَ أيّ ظرفٍ كان .., هكذا أكتبُ الشّعر وهكذا يَجبْ أنْ يُكتَب وإلّا فهُناكَ خللاً ما بي كشاعر أولاً وبِمَنْ أكتبُ لهم ثانياً .
ولِأنّ الشّعرَ حالةٌ أو لَحظةٌ تنتابُ صاحبَها كانَ مِنْ الطّبيعي أنْ تكتَنِفَ تلك الحالةَ بعضَ الانفعالاتِ .., وتُرافِقها بعضَ المُحفّزاتِ .., وتُدثّرها بعضُ التّجلّياتِ الآنيةِ العَابِرة .., وتعترِضها أيضاً بعضَ المعوقاتِ أوِ الحُجبِ إنْ صحّ التّعبير .., غيرَ أنّ ما يُميّز هذهِ الحالة أو اللحظة هو عدمُ خضوعها لقراراتٍ مُسبقةٍ بِكتابتها لِأنّ ذلك يجعلها كغيرها مِنْ أنواعِ الكتابةِ ., وعدم خضوعها لِطقسٍ مُحدّدٍ .., أو وقتٍ بعينهِ ., وهذا هو الشّعر بحقيقتهِ بِمعنى / الشّعرُ والشّاعرُ كلاهُما يكتبُ الآخر وإنْ كان الشّعرُ هو الذي يجبْ أنْ يكتبَ شاعِرَهُ /

وبالتّالي فالشّعرُ والشّعرُ فقط هو الذي يسكُنني وأسكنهُ فما رأيتهُ يوماً إلّا حدّقتُ بهِ , وما مررتُ بهِ يوماً إلّا وقفتُ حيثُ هو وتوقّفتُ عن غيرهِ لأبلّ عروقي , وأُذهبَ ظمئي مِنْ رحيقهِ , فما ذقتُ الحلاوةَ إلّا مِنْ شهدهِ ولِذلكَ شُغِلتُ بهِ عن غيرهِ , وفارقتُ سواهُ إليهِ . وهذا ما جعلني أطوفُ على حدائقهِ , ورياضهِ , وواحاتهِ , وكثبانَ رِمالهِ , وأتنقّلُ بين مضاربِ قصائدهِ , وأتخيّرُ الأسحرَ , والأغرى , والأشهى , والأقربَ إلى روحي .
أنا أشبهُ النّحلةَ في صبرها , وعشقها , وبحثها , واختيارها للزهورِ الأكثرَ نظافةً , والأوفرَ رحيقاً , لذَلكَ لم أكُنْ في يومٍ مِنَ الأيامِ مسحوراً ومشغولاً بشاعرٍ بعينهِ , أو حكيمٍ بعينهِ , أو أديبٍ بعينهِ , أو نبيّ بعينهِ - وإن وقفتُ وتوقّفتُ عندَ البعضِ منهم – بل كنتُ وسأبقى مشغولاً ومسحوراً بالجميلِ مِنْ كُلّ شيء , السّامي مِنْ كُّلّ شيء, والخالدِ مِنْ كُلّ شيء , والرّائعِ مِنْ كُلّ شيء . إنّي أشعرُ أنّ لي حصّةً وحقّاً في كُلّ جميلٍ في هذا العالَم .؟! لذلكَ جمعتُ رحيقي مِن آلافِ الزّهورِ والحدائقِ كما تفعلُ النّحلةُ تماماً , فهو منها لكنّها ليست هوَ ولا هوَ إيّاها .!! هكذا كانَ تأثّري , وانتفاعي , وأخذي عن غيري , وهكذا يتحولُ التأثّرُ إلى إبداعٍ خاصّ بصاحبهِ , ويصيرُ لوناً مُميّزاً لهُ , وهُويّةً يُعرفُ بها ..؟؟!!
ولِأنّ الشّعرَ بريءٌ ., فِطريّ ., لَا يُكتسبُ اكتساباً بَل يُكتبُ مِنَ المَوقفِ ., والحَادِثةِ وليسَ مِنَ المدارسِ الشّعريّةِ التي أخضَعتِ الشّعرَ لِمراحلَ لم ولن يعترفَ الشّعرُ بِها على الإطلاق ؟! وعليهِ فأنَالا أؤمنُ بتلكَ المدارسِ ولا بالقائمينَ عليها لأنّها ازدراءٌ بالشّعر وبالشّاعِرِ معاً ., وعمليةُ مَسخٍ لهُما ., فالذينَ يَكتبونَ بِعقلٍ يتمنّونَ الهَذيانَ ليكتبوا مِثلَ الجُنونِ , والذينَ يَكتبونَ بِلا عقلٍ يَتمنّونَهُ أي "العقلَ" حتّى يُمنطِقوا الهذيانَ ويضبطوهُ , وَهل كانَ الشّعرُ في يومٍ مِنَ الأيامِ سِوى أنْ يتمناهُ الجميعُ وَلا يحصَلُ عليهِ أحد؟؟
ولِهذا يكونُ في شِعري الذي يُشبهني شِعرُ " امرئ القيسِ , وطرفة , والمُتنبي , وأبو نوّاس , وأبو تمّام , وعمر بن أبي ربيعةَ , ومسلم بن الوليد , والرّضيّ , والمكزون السّنجاري , المُنتجب , وبدوي الجبل , والجواهري , وأدونيس ...!! " كما أنّ في دمي دمُ آبائي وأجدادي لخمسين جيلاً , لكنني لستُ لا أبي ولا جدّي فأنا غيرهما وهما غيري , لكنّني لستُ مِنْ غيرهما , إنّها الغيريّةُ الدّالةُ على الاستقلاليةِ والهُويّةِ الفارقَةِ , والعلامةِ المُميّزةِ , لا الغيريّةُ الانقطاعيّةُ , الانفصاليةُ , المُعطّلَةُ .!!
إذاً أنا لستُ أبي ولا أجدادي ولكنّي لستُ مِنْ غيرهم . إنّها الإثنينيّةُ , التّعدّديةُ الدّالةُ على الوجوديّةِ الخاصّةِ , والوجودِ الحُرّ الذي هو خاصّيةُ المُبدِعِ . هكذا أفهمُ التّأثّرَ وهكذا تأثّرتُ , وهُنا أُلفِتُ الانتباهَ إلى أّنّ مَنْ يدّعي أّنّهُ خارجُ التّأثيِرِ والتّأثّرِ , ويزعمُ أنّهُ نسيجُ وحدِهِ , وأنّهُ طفرةٌ مقطوعةٌ فهو واهِمٌ ومغرورٌ ,ومُنتفخٌ على طريقةِ الإسفنجِ الذي تكشفُ زيفهُ الشّمسُ, والرّياحُ . لأنّ الذي لا يتأثّرُ ولا يُؤثّر هو العنصرُ الخاملُ العقيمُ الذي لا حياةَ فيهِ , فكُلّ حيّ في هذا الكونِ عالياً كانَ أ دانياً سيكونُ حتماً ضمنَ دائرةِ التّأثيرِ والتّأثِّرِ بمستوىً ما وذلكَ وفقَ استعداداتهِ , وكينونتهِ , وحيثياتهِ وبيئتهِ , وموقفهِ مما حولهِ .

ولِهذا أقولُ بِكلّ جرأةٍ وصدقٍ ووضوحٍ أنّهُ لا يسكُنني إلّا " مُهنّدع صقّور " الذي لا يجني إلّا طيباً ولا يُطعمُ إلّا طيباً . ولنْ أسمحَ لِأحدٍ آخر أنْ يسكُنني .!؟
بِقلمي
مُهنّد ع صقّور
جبلة .. السّخابة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلانات