2016/11/03

اطروحه دينية في التنمية البشرية للكاتب أيمن غنيم


يقول الله تعالى فى محكم التنزيل
""إذ يقول المنافقون والذين فى قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم ؛ ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم ""

ويقول تعالى
"ومالنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا؛ ولنصبرن على ما آذيتمونا وعلى الله فليتوكل المتوكلون ""

تلك هى المعادلة التوكل على الله والتى وإن اكتملت أطرافها لتحقق المنتج الإنسانى الناجح . والذى يتوافر لديه جواز مروره عبر حدود اى مشكلة تواجه حياته ويتفادى أى محنة تعرقل دوره الرائد فى مسرى الخير والرفاهية . ويخلق نوعا من الإتزان الفكرى والذى لاتصمت أدواته ضبابية أو ارتجالية وإنما يزدان بالتماسك وعدم الانفصامية. أو حتى الانشقاقية عن أهدافه المرجوة نحو الأفضل .
وإنما تدعمه أدواته الإيمانية القانع بها . وهى ضميره وقناعاته التى تدفعه دائما إلى الارتقائية والمثالية حتى إذا ماإعترضته فتن الحياة وناهضته .
ولكن تعالوا بنا نحدد طرفى المعادله لمفهوم التوكل على الله . حتى لا تختلط المفاهيم مابين التوكل والتواكل .وشتان مابين هذا وذاك .
وأولى طرف المعادلة هو القدرات الكامنة و وثانيها الأقدار الأكيدة . والخيط الرفيع الذى يربط بينهما الإيمان والإخلاص وحسن النوايا. وبذلك يمكن الدمج مابين قدراتك المتاحه وأدواتك الفاعلة فى تنفيذ ماهو موكل إليك فى حياتك وماهو دورك الذى يجب أن تؤديه بنجاح وفقا لما أرادك الله له . ومابين قدر محتوم وجب عليك مواجهتك بإبتسامات الرضا والسعادة بيقين المؤمن الواعى . أنه الأفضل بكل وجوهه وإن كان يبدو لنا غير ذلك وعساه هو مكمن الخير لك .
والتوكل على الله فلسفة يقينية ومنهاج إيمانى لايتداركه إلا من شعر لذة الإيمان فى قلبه . وتطبعت حواسه بها
وبإيضاح أكثر إن الله يبارك خطوات الخير وإن بطئت .ويدعم سبل النماء والرخاء وحسن الأداء وإن صعبت أدواتها .
وإن الله بالغ أمره وناصر عبده وداعم خطاه . إذا ما صدق النية ودعمها بالعمل المتقن وانتهج السبل التى تحقق هدفه .
والأخذ بالأسباب والحيطة والحذر والانتقائية لأفضل الطرق. لتحقيق أفضل النتائج .

وتلك هى العزيمة التى تقابلها توفيق من الله وتلك هى الإرادة القوية التى تدعمها المباركية من الله . فتتلاقى العزيمة والإصرار من داخل الفرد . بتوفيق وتدعيم من الله .
ولابد ان تتسم صفة التوكل على الله بعقيدة شكيمة أبية قوية تباغت أى خلل أو ضعف أو وهن يمكن أن يصيب إرادتك وإيمانك بقدراتك أو أى انتكاسة تحول بينك وبين نصرة الله
والتوكل على الله هو الذى يراقبه فى سلوكياته أو مايحويه فكره وارتداء ثوب العفة وثوب النقاء وثوب الفضيلة فى انتهاجاته المعنية بالناس والمجتمع والوطن .

من هنا كان لقاء الله فى معقله وهو النصرة لله وبالله . ولم يخذل مناصره أبدا.
فلا إعوجاج يهدد إستقامه . ولا خلل يصيب تماسك جلل .
لأننا فى احتضان التقوى ولن يضيع الله من راقب ربه فى السر والعلن.
واخلص العمل فكان عليه علامات الرضا فرضى . وعلامات التوفيق فمضى سعيا من رقى إلى ارتقاء .

ونقول لمن يتضرع إلى الله بالقول لا بالفعل . ونقول من اعتاد السكينة والهزيمة والخنوع والخضوع والإذلال والإستسلام لظروف لم تكتب عليه ولكنه كتبها على نفسه . بدافع من التواكل وليس التوكل . وهذا حال جميع شبابنا وحال كل رجالاتنا فى مجتمعات لم تفرز عملا دؤوبا. ولا توبة نصوحا.
ولا طرق أبواب بفاعلية النجاح وأعتادنا الخضوع والشكوى وارتحلنا فى رحلة شاقة بلا زاد ولا مأوى ولا ركوبة . ولا ظل ظليل يأوينا .
ونطلب من الله أن يحمينا فلا عقلناه ولا توكلنا وإنما تواكلنا . فكان الفشل والضياع نصيبنا .

والكل أصاغ لنفسه قانون السمسرة فى كل أموره وتعاملاته محلللا للخداع والمراوغة بحق الفائدة . واستهانوا بحرمات الله فاستهان بهم الله .
عجبا لهذا الزمن . كثرت الأمانى وأعوجت الطرق وترجموا الدين لدعم نواياهم وأعمالهم الشريرة . ومكسوا قابعين فى سكنات الفشل ويبتهلون إلى الله بالدعاء . وهم ينتحرون بواقعية مدخلاتهم .
فكل مدخلات لها مخرجات هذه هى معادلة الحياه .
فإن لم يكن لديك مدخلات يدعمها خطة محكمة وأدوات منظمة لتنفيذها .سوف تكون مخرجاتك صفرية بلا نتيجة مثمرة حتى وإن كنت قعيد المسجد أو حلقات الذكر أو منضبطا فى صلاة أو نسك. فكان لزاما عليك أن تعمل وتكد وتنجز وتنشد الأمل من الله يباركك الله فى عزيمتك الثائرة على كسلك وخضوعك ويأخذ بيدك لكل رقى وعلو وتعلو بك أمة انت فرد فيها .
والمتمحص فى سيرته صلى الله عليه وسلم فى كل غزواته ضد الكفار سوف تجد أنه أخذ بجميع الأسباب وخطط ودبر متوكلا على الله وليس متواكلا .
وهزم المسلمين يوم أحد لانهم تخلوا عن خطته المعهودة وكان فى ذلك تواكلا منهم وإهمالا.
لكى يعلمونا الله أن نسدد خطانا بحسن التدبير والتدبر ولانترك. الأمور سدى بلا رؤية ولا دراسة . فذاك هو حالنا اليوم إننا بلا هدف نمضى وبلا خطة معهودة .
ونمضى بإرتجالية ودون أدنى تحسب . ونطلب من الله التوفيق والسداد .

لا حياة لميت ونحن موتى بلا حراك . نتلمس النور من ظلمة الجهل ونستعين بالدجل والسحرلتحقيق مآربنا .وتموت معنا الإرادة وتسقط منا العزيمة ونتهاوى فى قاع الأمم . ونحتمى بالقرآن ونحن لانعمل به .وننادى بالتقوى وذممنا خربة.
تمثلنا بالغرب فقط فى سوء صنيعهم . وتركناهم فى حسنها . وهم أخذوا روح الدين ومارسوه فأصبح الإسلام هنا اقوال بلا أفعال . فخسئنا وفسدت أحوالنا .
وصار الإسلام عندهم أفعال بلا أقوال . كما قال الإمام محمد عبده رحمه الله . فصلحت أحوالهم وتقدمت
فالتوكل على الله نجاة لكن بعقيدة العطاء والاخلاص فى العمل وعدم التراخى والخروج عن السكون بالحركة والإقدام والفرار إلى الله وليس من الله .

والفرار يلزمه قوة مكينة وإرادة متينة تطرق أبواب النضال . ولذا كان سهلا أن نصل إلى بر الأمان . وبالتوكل الفاعل والمتزن والداعم على الله نكن نحو عالم أفضل .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلانات