2015/11/04

«بو كاربيلان».. بقلم الأديب // ميجور ميجا ميجا

تعيش وتفتكر| «بو كاربيلان».. أنشد للشتاء وتأثر بالأدب الإغريقي
واحد من أبرز شعراء فنلندا في العصر الحديث، وهو أيضا روائي وكاتب مسرحي وكاتب مقالات وناقد ومترجم، كتب باللغة السويدية التي هي اللغة الرسمية الثانية لفنلندا، إلى جانب الفنلندية.
ولد كاربيلان في العاصمة الفنلندية هلسنكي، في مثل هذا اليوم من العام 1926، وتلقى تعليمه المدرسي في أقدم مدرسة في هلسنكي، بعد ذلك التحق بجامعة هلسنكي ودرس الأدب وتخرج بدرجة الماجستير عام 1948، كما حصل على الدكتوراه في عام 1960، وعمل من عام 1946 إلى عام 1980 موظفا في مكتبة بلدية هلسنكي، ليصبح لاحقا مساعدا لمديرها.
وتأثر كاربيلان في بداياته بمدرسة الحداثة السويدية والوجودبة الفرنسية. فسادت في قصائده صور الظلام والحزن والسكون. لكنه فيما بعد التفت إلى الآداب الكلاسيكية الإغريقية والرومانية فكانت بالنسبة له مصدر إلهام كبير.
وظهرت مجموعته الشعرية الأولى في عام 1946. ومنذ ذلك الحين أصدر 14 ديواناً شعرياً. وفي عام 1977 حصل على جائزة الأكاديمية السويدية لدول الشمال (اسكندنافيا)، التي تُعرف بجائزة "نوبل الصغرى." كما نال جائزة فنلنديا مرتين (1993 و 2005). وفي عام 2006 حاز على الجائزة الأوروبية للأدب.
ترجمت أعماله إلى اللغات الإنجليزية، الفنلندية، الدانماركية، النرويجية، الألمانية، البولندية، السلوفاكية، والفرنسية وسواها. وتوفي كاربيلان بمرض السرطان في 11فبراير عام 1911.
في ذكرى ميلاده، تنشر «البديل» بعض قصائدة، التي ترجمها للعربية نزار سرطاوي:
أشجار صامتة
هل ستمتد يَدٌ مجهولة وترفع القارّات
وتصيبُ الأغنيةُ الطائرَ بالشلل،
ويهجر المدّ الشواطئَ
أم يغسلها بضياء تدوم طويلاً؟
وأنا الذي أُشَكِّل الظِّل
الذي تلقيه روحي على الأشياء،
هل سأظل موجوداً في هذه القصيدة
أم لن يقرأَني أحد؟
ها هو منتصفُ الليل يوشك أن يحلّ،
الأشجار تقف صامتة.
الصبي الذي كان يعدو من خلال المياه الدافقة
الصبي الذي كان يعدو من خلال المياه الدافقة
اختفى في الجبل. لم يعد يصرخ أبداً.
لعلك ترى نفسك، لكن لا يمكنك أن تسمع صوته.
ولعلك أيضاً لا تستطيع أن تراه في ظلام الصيف.
أمه تناديه بصوتٍ عالٍ.
الزهور الآن تنتصب واقفة وقد أوهنها الصقيع.
إنها ثلوج الشتاء التي تتساقط على الجانب الآخر للجبل
وإنسان ينتظر أن تظهر صورته مطبوعةً في سفح الجبل.
إنها في ظل المشهد الذي لا يتغيّر أبداً
حيث تغني طيور الموت أغنيتها البهيجة
فتُذَكّرُنا بصوته.
السحابة الهائلة
السحابة الهائلة على شكل جناح
تنحدر رويداً رويداً أمام الشمس
مثل ورقةٍ حمراءَ كالدمِ تسقط من شجرة الموت.
وعلى سطح البحر ينساب طائر المساء،
يلامس وجه المياه بجناحيه،
فيتغير، كما لو لم تكن هناك أيّة حركة
ولا أيّ شيء سوى الأغنيةِ المعجزة: الصمت.
طائر النورس
لا بد للمشهد الطبيعي أن يتحول،
أن يتحول القمر إلى دمٍ وسط سماءٍ سوداء
وأن تصبح أوراق الأشجار برونزية اللون.
فعيناكَ هما اللتان تتعذبان،
تموتان وتولدان من جديد في تلك الهاوية
التي تفصل عالمَك عن الدنيا.
إنّك تُلقي بنفسك فوفها مثل إنسان يائس.
حينما تسقطُ، فإن مشاهدك هذه
قد تُنتزَعُ من عينيك
وتكون أنتَ أنت ولا شيء معك سوى النورس في السماء السوداء
ومعه صوت الموت.
قاسياً كان الشتاء
"لم يكن هناك الكثير لإطعام البط.
قلبت أمي سلة الخبز رأسا على عقب.
راحت طيور البط تزعق وبدا عليها عدم الرضا.
كان الماء أسود وسرعان ما تجمد.
قاسياً كان الشتاء. قاسياً كان الشتاء.
حتى الأموال في المصرف تجمدت.
الاحتفال مساء السبت لم يعد ممكناً
إلا بالتناوب مرةً دون الأخرى.
سأل العجوز...
سأل العجوز: "أما زالت أشجار البلوط هناك؟
كانت هناك غابات في أيامي. أما زالت موجودة؟"
كان يجلس في منزل صغير في مونتيري،
ما عاد يتذكر اللغة السويدية، يقول بضع كلمات بالروسية.
كان يجلس هناك مثل ظلِّه، بعينين
لا تبصران راح يراقب الحديقة المحروقة –
نادراً ما كانت أمواج البحر تصل إلى هنا، لم تجلب معها جواً لطيفاً
" الأولاد من المَزارع كانوا يرقصون يوم السبت."
تنحنح، كانت يداه قلقتان
"مزامير القِرَب؟ أو شيء من هذا القبيل، لا أذكر،
الأشجار، أذكرها جيداً، أشجار البلوط الضخمة، الغابات،
يبدو كأنما كانت تقدر على أن تمنحنا جواً لطيفاً –"
رمقتي بنظرة يكاد يملأها الغضب
كأنما كان يرتاب بالحقيقة. أجبته كما يتمنى:
"ما زالت هناك، وما أروع أن نستريح تحتها."
مرّت لحظة سكون. ثم ما لبث أن قال وقد سرح بعيداً:
حين يتحرك الريح خلال غابة البلوط، تظلّ دائماً تذكر ذلك.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلانات