الحلقة الرابعة والأخيرة
*****************
قرب الغروب ، طلبت منه أن يصحبها عند ، أحد محلات الموضة . وبينما راحت تخطو من جناح لآخر في المحل ، كان هو يراقبها ، وسأل نفسه: هل كان سينجذب إليها إذا كان يراها الآن للمرة الأولى ؟ ولم يستطع إلا أن يرد بالإيجاب . وتساءل أيضًا: هل لو كان تزوجها ، كما كانت هذه نيته من قبل , يعتبرها الآن هفوة شباب يلزم التكفير عنها طوال العمر , حسب تعبير فيلسوفه العزيز (شوبنهور) . إن أفعالنا - كما قرر لنفسه أكثر من مرة - عبارة عن ضربات زهر في ظلمة ليل المصادفة !
في أثناء صحبته لها إلى منزلها , حرص على أن يخبرها أنه ما زال يحس بأنه مذنب في موقفه . وصرحت له حول هذه النقطة على الأقل: " أنا تغيرت . لقد طرحت عادة تغيير الآخرين لحساب مشكلاتي الشخصية . إنني أعتقد أن كل إنسان ينال في الحياة ما يستحقه . . " ورد بابتسامة , عندما أصغى لها وهي تستشهد بعبارة مأثورة لابيكتيت الذي أرسله لها لحظة الفراق: " إن اتهام الآخرين بعذاباتي الشخصية لا يعني إلا الجهل . وفقدان الهوية الخاصة إنما يأتي من شخص بدأ يثقف نفسه . وإذن فلا ينبغي اتهام الذات أو الآخرين , لأن هذا إنما يحدث من شخص مثقف بالكامل " . وأضافت: " ألا ترى . . إنني لم أنس تمامًا كل شيء . ."
كان الليل قد سقط من وقت طويل , عندما وصلا أمام منزلها . وكان هو في الوقت نفسه مرتاحًا , وقلقًا . ماذا يفعل لكي يعود إلى ذلك الوقت الذي يجعلها فيه سعيدة . قالا: " إلى اللقاء " كأصدقاء قدامى . تردد في أن يأخذها بين ذراعيه وأن يقول لها: " ابقي معي . لن نفترق بعد الآن . سنعيش منذ الآن أحدنا للآخر . . أحدنا بالآخر " ومع ذلك صمت . لا خوفًا من أن يصد من جانبها كانت لديه تجارب كثيرة مشابهة , علمته أنه كان بالتأكيد صادقًا , في اللحظات التي يقول فيها أمثال هذه الكلمات ، لكنه كان في الوقت نفسه يكذب ، لأنه كان يحس بعطش إلى المغامرة , وإلى عدم الوفاء . . كان يعرف عن نفسه أنه غير ملتزم , لكنه وفي . . وفي للغاية . لأنه حتى لو أراد , فلن يستطيع أن ينسى أقل التفصيلات الصغيرة التي عاشها مع النساء اللاتي أحبهن . ولم يكن يريد أن يختار . لم يكن يريد أن ينزعج . إن لم يكن حتى الآن . .جذيها ليحيطها بذراعيه لكنه أفقدها توازنها دون أن يشعر فتشبثت بيديه فهوى معها وسقط فوقها وجائت سيارة مسرعة بقيادة أرعن فصدمتهما فماتا في الحال
#عصام_قابيل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق