2017/04/25

تحليل الأستاذة الدكتورة احلام الحسن لقصيدة اني اتودد للفجر// للشاعر زيد الطهراوي

تحليل الأستاذة الدكتورة احلام الحسن لقصيدة اني اتودد للفجر
إني أتودد للفجر للشاعر زيد الطهراوي
كدت أحاول أن أسترسل في الغضب المثخن بالأحزان
ليذيب صراخي ثلج المدن الغارقة فعاجلني الصوت:
( لن يبلغ هذا العالم مأربه بالطوفان
فابحث عن قنديلك في كل كهوف الغفلة و الصمت)
أعجبني النصح النابض بالحب فشمرت
و على مقربة من لهث السنوات وجدت القنديل المهجور أمامي كالشمس
مضيء
أخبرت الصحب و حددت الميعاد فجاؤوا من كل فراغات الفكر الناخرة
بأركان البيت
أمسكت القنديل بأعصابي و بقلبي لكني من شدة عتمة ليلي أحجمت
أدركني الصوت المعهود كمطرقة يذهب و يجيء :
( لا يصلح قنديلك في هذا الوقت
لا يصلح حتى يتسامى في الاعماق الزيت)
أدركت بأني لن ابلغ أمنيتي و هتفت :
إني أتودد للفجر و لكن الفجر بطيء
**********************************
يسترسل الشاعر هاهنا في إسلوب توريةٍ متقنٍ أيما إتقانٍ .. بعد الوضوح الذي بدأ به قصيدته : 
كنت أحاول أن أسترسل في الغضب المثخن بالأحزان .. وهي العبارة الوحيدة في النص الواضحة والتي يستشف بها ما وراء التورية في بقية النص المدهش والرائع ..
ومع نظرة الأمل ومحاولة حمل القنديل للإنارة للتخلص من الظلمة .. يعود اليأس يهاجم ملحمة الشاعر الأدبية الرائعة !!! 
( لا يصلح قنديلك في هذا الوقت ) ! 
وبين نداء الأمل القابع والمنتظر خلف قضبان الأضلاع .. وعبوس صرخة اليأس المتمثلة بالنص الرائع بالمطرقة وصوتها ( لا يصلح قندياك في هذا الوقت ) 
( حتى يتسامى في الأعماق الزيت ) وعند هذه العبارة الشديدة التورية والتي من الصعب أن يستشف منها القارئ هدف الشاعر .. فالمكنون الحقيقي ليست هذه العبارة ولا حرف منها .. المكنون الحقيقي خلف جدارن هذه العبارة وفي الصندوق الأسود والذي هو قلب الشاعر ! 
وبين صراع اليأس والأمل في نفس الشاعر المخضرم ..
يصرخ الأمل من جديدٍ ( إنّي أتودد للفجر ) 
يختتم رائعته بتطلعٍ لبزوغ الفجر .. فجر التغيير ..
ورغم المفردة المتناقضة التعبير التي تسبق هذا التودد (( حتى يتسامى في الأعماق الزيت )) 
وهنا أسلوب تنافر اللفظين ولعله يعدّ لصالح الشاعر وفن استخدامه لمتناقضات المعاني مثل : 
يتسامى : والتسامي الرفعة والعلو 
في الأعماق : أبعد يمكن من المسافة بين التسامي وبين الأعماق !!! 
( لا يصلح قنديلك في هذا الوقت ) ! 
وهو حدوث المستحيل فكيف يتسامى في الآعماق الزيت .. 
وكأن ذاك الصوت المعهود يحاول مجددا قتل الأمل وإطفاء نور الفجر البطيء ..
ونور الفجر بحدّ ذاته لغزٌ من الألغاز في عالم التكوين فالفجر زمنٌ ليس من النهار وليس من الليل ..
وللّه أسراره .. 
قصيدةٌ رائعة أبدع فيها الشاعر بتصوير مأسأتنا العربية .
هذا تحليلي المتواضع من وجهة نظري لهذا النّص المتميز بالغموض والجمال .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلانات