2019/01/17

من أجلِ حَفنةِ من رمل حيفا

من أجلِ حَفنةِ من رمل حيفا

كانَ صخرٌ في المنافي ساكِنا
والمنافي قد رآها موْطِنا
لمْ يكنْ يدري بأنَّ المَوطِنا
صارَ للْأغرابِ ظُلمًا مَسْكَنا
ذاتَ يومٍ قالتِ الأختُ منى:

"يا أخي منْ قبلُ لم نحيا هُنا"

"يا منى صبرًا على جهلي أنا
واشرحي لي القولَ أوْ ماذا عنى؟"

"في عروسِ البحرِ يا صخرٌ لنا
منزِلٌ مثلَ الأهالي حولنا
قبلَ أنْ فرّقَ غازٍ شملَنا
عندما هجّرَ غصْبًا أهلنا"

"كيف يا أختي اسْتَباحوا أرضَنا؟
كيفَ جاؤوا وأهانوا عِرضَنا؟"

"يا أخي اسْمعني وسجّلْ: جدُّنا
جاءَ من حيفا فحيفا مهدُنا
وإليْها العودُ يومًا عهدُنا"

"حدِّثيني يا مُنى عنْ بيتِنا
عن أبي أمّي وحتى زيتِنا
أينَ منْ كانوا جميعًا بيننا؟
أينّ منْ كانوا كذا جيرانَنا؟"

"يا أخي سمعتُ يومًا أمَّنا
قبلَ أنْ ماتت هنا أمامَنا
آهِ لو تعْلمُ ما قالتْ لنا
أوْ بِماذا طالبتْنا علّنا
نستَطيعُ الفعلَ أيضًا علّنا"

"حدّثيني أخبريني يا مُنى
بمَ فعلًا طالبتنا أمُّنا؟"

"طالبَتْنا يا أخي أَنْ تُدْفَنا
معْ قليلٍ من ثرى حيفا هنا
كيفَ نجني يا أخي تلْكَ المُنى؟
مستحيلٌ ما رجتْهُ أمُّنا"

ذاتَ ليلٍ عندما كانتْ منى
في فراشٍ مِنَ بقايا بُطِّنا
سار صخرٌ خلسَةً حتى دنا
منْ جدارٍ يستبيحُ الموطِنا

ظلّ يمشي مستقيمًا مؤمِنا
دونَ خوفٍ أو خُنوعٍ أو خنا
وصلَ الشاطِئَ صخرٌ وانْحنى
فوقَ رملٍ كان يرجو وصْلَنا
ثمّ أخفى حَفْنَةً يا ويلنا

لمحَ الأعداءُ صخرًا ابْنَنا
بعد أن سارَ طويلًا واهِنا
خانتِ الرجلانِ صخرًا إذ دنا
واحدٌ منهم ونادى مُعلِنا
"موتُ هذا الكلبِ إنجازٌ لنا"

خرَّ صخرٌ إذ أرادوا قتلَنا
وأرادوا عن ثرانا عزلَنا
وعنِ الأجدادِ أيضًا فصلنا
إنْ أضاعْنا في الصحارى خيْلَنا
وَفقدْنا من هوانٍ ظِلَّنا
لمَ لا نفقدُ أيضًا صولَنا
لمِ لا يرجونَ حتى ذُلّنا
بكتِ الأزهارُ صخرًا قبلَنا
وشكى الكرملُ صخرًا جهلنا
إذ ينافي القولَ منا فِعلَنا
ويجافي الصمتُ فينا قولَنا
قدْ نسيْنا بانهزامٍ أصلَنا
واباحْنا بانقسامٍ ما لنا
فأضعْنا ويحَ قلبي صولنا
وأَلِفْنا الذلَّ حتى ملّنا

د. أسامه مصاروه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلانات