2016/02/26

الوعد ج5..محمد أبو الفتوح المفكراني

الـــوعــد...... الجـــزء الخـــــــــامس........
عاد الضابط عادل إلى مسكن هشام في نفس الموعد في اليوم التالى ولكنه كان شارد الذهن 
متكدر النفس ولاحظ هشام حاله ولكنه لم يعقب عليه وشرع يقص عليه باقي القصة وعادل 
متلهف لمعرفة باقي الأحداث. وقال هشام:
نزلت على الأخبار كالصاعقة وأصيبت بحالة غريبة فقد كنت أنظر ولا أري وأسمع ولا 
أفقه كلمة مما أسمع, وكأن عقلي رفض قبل قلبي أن يصدق ماحدث, وماأحسست إلا بيد 
حانية يد الدكتورة نجوان والدة ملك وهي تتمتم بكلمات لم أفهمها وتأخذني من يدي وأنا 
أسير وراءها مسلوب الإرادة وأدخلتني غرفة ملك فرأيت فرحة الدمية ترقد في سريرملك,
نمت بجوراها وأنا أكاد أعتصرها بين أحضاني , مر وقت لايحسب بالأيام أنما بالأحزان 
والدمعات وأنا في حالة رفض للحياة ذاتها وأريد أن ألحق بملك, ولم أفق إلا على كلمات 
كانت مثل جهاز الصدمات الكهربيه الذي يستخدم لإنعاش القلب نطقت بها دكتورة نجوان:
واذا مت أنت فمن سيأخذ بثأر ملك!؟ لم تكن السيدة الطيبه تريد مني أخذ الثأر فقط أرادت 
أعطائي سبب للحياة, أحسست وأن كل أرواح الشر في العالم تملكت من جسدي فانتفضت 
واقفا وغادرت إلى منزلي وإغتسلت وبدلت ملابس بملابس أنيقة وتعطرت وعدت إلى 
الدكتور رشاد والذي عندما رآني تعجب ولكني بادرته بقولي: لقد عدت ,
لنذهب لزيارة ملك وأحب أن تراني على أحلى ما يكون , ونزلنا سوياً إلى المقابر ومررنا 
بمحل لبيع الزهور وأحضرت كمية كبيرة من زهور السوسن والنرجس التي كانت تعشقها
ملك,وعندما وصلت إلى القبر ضممته مقبرتها بشدة إلى صدري , وصدقنى أحسست أنها 
بين أحضاني وتبادلني العناق والشوق والحنين جلست عند مقبرتها مده لا أتذكرها أحدثها 
وأصمت وكأني أستمع إليها وقمت بزراعة الزهرات حول القبر وقمت بسقيها ووعدتها أن 
أزورها كل يوم. وإلتفت للدكتور رشاد وسألته سؤال مباشر: من القاتل؟ تنهد الدكتوروقال:
أنت تعرفه! فأجبته بدون تردد شاهر؟ فأجابني نعم , لم يتحمل غروره أن ترفضه فتاة وقد 
أسكرته خمور سلطة ومال أبيه فقرر قتلها وكأنه يقول إما أن تكوني لي أو للموت. ولكنه
للأسف نجا بفعلته بعد التلاعب بأرقام السيارة في محضر الشرطة, قلت: لا تقلق , إن نجا 
من كل الدنيا فلن ينجو منى, وعدنا إلى المسكن وفي الطريق قلت للدكتور رشاد: هل كان 
الحادث في الساعة الرابعة والنصف؟ تعجب وهو يقول نعم ولكن!,وقبل أن يكمل أظهرت 
جرح يدى أنا أقول أصبت بهذا الجرح في هذه اللحظة وأغرقت الدماء الخاتم الذي أهدتنيه 
ملك فعلمت أن مكروها أصابها. وبدأت من هذا الوقت لاشاغل لي سوى البحث عن شاهر
لأنتقم منه وزيارتي لقبر ملك أجالسها وأروي الزهرات حول قبرها. في هذه الأيام كانت 
صحة الدكتور نجوان في تدهور مستمر وكأنها إشتاقت إلى إبنتها فغادرتنا في هدوء شديد
بعد وفاة ملك بعدة أشهر, وأصبحت أنا والدكتور رشاد نقوم يوميا بزيارة المقابر وفعلت 
حول قبرها ما فعلت حول قبر ملك والدكتور رشاد يجلس في صمت شديد أمام قبر زوجته 
وأنا أجلس أحدث ملك وأمازحها وهو ينظر إلي ويجيبني فقط بإبتسامة باهته ممزوجة 
بدمعه ساخنة, وعلمت أن الدكتور رشاد إستأذن والدي أن أقيم معه بصفة دائمة وقد كان.
وفي يوم زارنا جميل بيه مدير البنك الذي لم يكن قدعلم بالحادث وكان غاضبا مني لعدم 
العوده بعد عطلة الزواج, ولكنه فاجأني أنه أتى لينشأ فرع للبنك في مدينتنا وأنه لايثق في 
أحد غيري لأديره وأصبحت مديرا لفرع البنك وبمباركة والدي الروحي دكتور رشاد
ولكن لم يشغلني أي شيء عن ثأر ملك ولكنى علمت أنا والده قد هربه إلى خارج البلاد 
خوفا عليه من العدالة إذا تم إكتشاف التزوير , وفي ليلة علمت أنه قد عاد إلى مصر 
فجلست أفكر ماهي الوسيلة الأكثر ألماً أقتله بها!؟ وأحس الدكتور رشاد بما يدور في
رأسي فأمسك بي قائلا: لقد فرق هذا الشيطان التعيس بينكما هنا فهل تريد أن يفرق بينكما
هناك أيضا؟ دعه إن الله هو المنتقم الجبار, وبالفعل لم تمر إلا فترة قصيرة ليصاب هذا 
التعيس في حادث سيارة ويتشوه وجهه وتشل أطرافه.
عدنا لحياتنا نخرج معا للعمل ونعود لنعد وجبة الغذاء ثم نذهب أنا ووالدي الجديد إلى 
المقابر حيث يناجي كلٌ منا حبيبته, وفي ذات مرة ونحن عائدون من المقابر طلب أن نقوم 
بزيارة صديق له ولم أتردد بالطبع, وهناك وجدته طلب مني التوقيع على عدة أوراق,
وبعد عدة أيام زارنا الصديق في منزلنا وهو يحمل أوراق كثيرة طلب منه الدكتور رشاد 
إعطائها لي فسلمها لي وهو يقول: أنت الأن الوريث الوحيد لكل ما يملكه الدكتور رشاد.
نظرت إليه في دهشه وقبل أن أنطق كان والدي رشاد يقول: لماذا تتعجب؟ ألست ولدي؟
وأشار لي بالصمت, مرت الشهور تتلاحق وكأنها سلاحف عاجزة ولاحظت والدي رشاد
يجلس كثيرا في غرفته ولم يعد يحدثني كما كنا, وخفت عليه أن يكون به سوء فكنت من 
وقت لآخر اقترب من غرفته لأطمئن عليه, وفي ليلة وجدته ينادي علي ويضمني قائلا:
ولدي الحبيب هشام لقد أخذ الله مني ملك وجعلك لي العوض ولي طلب واحد عندك, ولم 
يعطني فرصه أن أسأله فأردف قائلا :تزوج.
نزلت الكلمات وكأنها ضربات مطرقة على رأسي وتبسمت قائلا: أنا لا أتزوج على 
زوجتي أبدا , وخرجت وتركته وهو يلاحقني بنظراته ,
وما هي إلا شهور وكنت أزفه إلى قبره ليلتقي زوجته وإبنته هناك حيث تجمعت الأسرة 
من جديد, وفعلت بقبره مثلما فعلت بقبر زوجته وقبر حبيبتي ملك , ومن يومها وأنا أذهب 
إلي هناك أجالس أسرتي وأسرة زوجتي كما رأيتني...و تلك هي قصتي.
توقف هشام عن الحديث ليجد عادل يدنو منه يعانقه قائلا : هشام بيه لي طلب ولك أن 
تعتبره رجاء,فقط دون هذه القصة فلا يجب أن تندثر وتدوسها أقدام الأيام والسنين.
نظر هشام إليه قائلا :هل تعدني أن تتذكرني؟ فأجابه عادل: وعد. وعانقه مرة أخرى 
وانصرف.
كان عادل مكلف في اليوم التالي بعمل شرطي بعيد عن المدينه وهذا سبب تجهمه وشروده
غاب عادل في المهمة وعادمنها ليجد أمر بنقله إلى مدينه أخرى وتلاحقت الأيام والسنين 
وكأنها جياد في حلبة السباق ونسي عادل أمر هشام تماما, إلى أن كلف بمنصب شرطي 
كبير في مدينة هشام, هنا فقط تذكره وأحس بوخزة ضمير أنه نسي الرجل وقررأن يقوم 
بزيارته في أول أيام عمله بالمدينه , وعندما وصل إلى العقار المقيم وسأل عنه أبلغه 
حارس العقار أنه توفى منذ فترة طويلة فتأثر عادل كثيراً وقاد سيارته وذهب إلى المقابر
ليجد قبرهشام بجوار قبر حبيبته والزهور تحيط بالقبور الأربعة وتبسم هشام قائلا:
لقد تجمعت الأسرة أخيراً ياصديقي ووقف أمام القبر وأدى التحية العسكريه وهم بالخروج
فإذا بحارس المقابر ينادي عليه: سيدي , سيدي , فإلتفت فبادره الحارس :
سيادتك عادل بيه ؟ فأجابه : نعم , فقال له : لحظة واحدة سيدي وهرع الرجل إلى داخل 
مسكنه وعاد حاملا لفافة سلمها له هو يقول: لقد ترك لك هشام بيه رحمة الله عليه هذه 
الأمانه لك وكنت أخاف أن اموت قبل أن تأتي,
تناول عادل اللفافة بدهشه وقام بفض الغلاف فإذا هي قصة هشام وقد طبعها في طبعة 
فاخرة أنيقة وأوفى بوعده الذي قطعه لعادل,
نظر عادل والدمعات تغرق وجهه إلى قبر هشام وهو يقول لقد أوفيت ياصديقي 
بالوعد..............
النهاية
محمد ابو الفتح....................................

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلانات