2019/05/07

بحث بعنوان .... التقوى--بقلم ::نهلة أحمد

بحث بعنوان ....
التقوى

التقوى من أهم المفاهيم الأخلاقية والدينية في الإسلام. ومعناه: "وقاية النفس من عصيان أوامر الله ونواهيه وما يمنع رضاه".
وقد سئل الإمام الصادق عليه السلام عن تفسير التقوى فقال: "أن لا يفقدك الله حيث أمرك ولا يراك حيث نهاك"
وقد وردت في القرآن الكريم بصيغ ومواضع مختلفة، ولها آثار ومراتب بنص آيات القرآن، وكذلك في الروايات المرويّة عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة المعصومين عليهم السلام، و هناك خطبة مشهورة حول التقوى و معناها في نهج البلاغة المشهورة بخطبة الهمام أو خطبة المتقين.
وقد صرّح القرآن بأنّ التقوى هي معيار التفاضل عند الله: إن أكرمكم عند الله أتقاكم، وبها يتقبل أعمال عباده: إنما يتقبل الله من المتقين.
التقوى لغةً: 
نقول : اتقى يتقي ..وقى يقي من الوقاية. والتقوى بمعنى الستر والصون والحذر. أي وقاية وصيانة
اما في الشرع.
فهي حفظ النفس مما يؤثم وذلك بامتثال الاوامر واجتناب النواهي تبعا لشرع النبي صلى الله عليه وسلم بمعنى ان يجعل العبد بينه وبين ربه وقاية عملية. تقيه غضبه سبحانه وسخطه وعقابه. وذلك كما قلت بفعل الطاعات واجتناب المعاصي.
قال طلق بن حبيب رحمه الله:
التقوى ان تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله. وان تترك معصية الله على نور من الله تخاف عقاب الله.
في القرءان الكريم آيات كثيرة تحدثنا عن التقوى واهميتها في حياة الانسان .منها قوله تعالى.
يا ايها الذين امنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغدِ واتقوا الله .ان الله خبير بما تعملون.
وقوله سبحانه..واتقوا يوما ترجعون فيه الى الله.
وقوله سبحانه..واتقوا النار التي اعدت للكافرين.
هي ايات كثيرة عظيمة تبين للمؤمن اهمية التقوى كسبيل للنجاة .ووصية من اعظم الوصايا في القران الكريم.
قال الله تعالى..ولقد وصينا الذين اوتوا الكتاب من قبلكم واياكم ان اتقوا الله.

وكذلك وصى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم امته.فعن ابي امامة الباهلي رضي الله عنه قال .سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم حجة الوداع..اتقوا ربكم, وصلوا خمسكم, وصوموا شهركم, وادوا زكاة اموالكم,واطيعوا امراءكم , تدخلوا جنة ربكم.
وفي صحيح مسلم: أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أرأيت ان صليت المكتوبات وصمت رمضان, وأحللت الحلال وحرمت الحرام , ولم ازد على ذلك شيئا,أأدخل الجنة ؟ قال:نعم.
ويقول الله تعالى ايضا:يا أيّها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا.ان أكرمكم عند الله اتقاكم...معنى الاية ان اكثر الناس عند الله كرما واكراما هم اكثر الناس تقوى.
روى الامام احمد بسند صحيح والترمذي بسند حسن عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال.. خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في اوسط ايام التشريق فقال. أيها الناس.ألا ان ربكم واحد.ألا ان اباكم واحد.ألا لا فضل لعربي على عجمي. ولا لعجمي على عربي.
ولا لأسود على أحمر. ولا لأحمرعلى اسود الا بالتقوى,ان أكرمكم عند الله اتقاكم.
ابي الاسلام لا ابا لي سواه اذا افتخروا بقيس او تميم
هذا شعر سلمان الفارسي رضي الله عنه يفتخر بانتمائه للاسلام الذي لم يجعل بين الناس تفريقات الا بالتقوى.
يقول الله تعالى: ياأيّها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتنَّ الا وانتم مسلمون.
قال ابن مسعود رضي الله عنه: أن يطاع فلا يعصى, ويذكر فلا ينسى , وان يشكر فلا يكفر.
وحق التقوى.. هو الاتباع وترك الابتداع.
وأما قوله سبحانه..الا وانتم مسلمون, اي موحدون, وأن يكون اخر ما تخرجون به من الدنيا وتدخلوا به في الاخرة هي لا اله الا الله.
ان تعيش على التوحيد وتموت على التوحيد .ولا يتاتى لك ذلك الا اذا كنت محبا للا اله الا الله ومريدا لها ومدافعا عنها وداعيا اليها وصابرا على الاذى فيها.كما قال ابن كثير رحمه الله:ان الله اجرى اللطف في المقادي ,أن من أحب شيئا مات عليه , ومن مات على شيئ بعث عليه.
قال الله تعالى..يثبت الله الذين امنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الاخرة.
وقوله سبحانه.ألا ان اولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.الذين امنوا وكانو يتقون.لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الاخرة.لا تبديل لكلمات الله.ذلك الفوز العظيم.
وقوله سبحانه. ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة الا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون.نحن اولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الاخرة.ولكم ما تشتهي انفسكم ولكم فيها ما تدعون.نزلا من غفور رحيم.
وقد عرفها الأمام علي عليه السلام: 
(هي الخوفُ من الجَليل، والعملُ بما في التنزيل، والاستعدادُ ليوم الرَّحيل)
فقد وصف –عليه السلام - التقوى على أنّها الخوف من الله تبارك وتعالى، وهذا الخوف يَستلزمُ عبادته سبحانه حقَّ العبادة وحده لا شريك له، والعمل بما جاء في القرآن الكريم والسنّة النبوية الشريفة من أوامر، والابتعاد عما فيهما من نواهٍ وزواجر؛ فما ورد في السنّة من أوامر ونواهي لا تَقلّ في الأهميةِ وفي الاستدلال الشرعي عن الأوامر والنواهي الواردة في القرآن الكريم، فالله سبحانه وتعالى يقول عن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى)، ثم يُنهي –عليه السلام - وَصفه للتَقوى بالاستعداد ليوم الرحيل، فالإنسانُ راحلٌ عن هذه الدنيا لا مَحالة، والراحلُ لا بُدَّ له أن يتزوّد لرحلته، ومن التقوى أن يتزوّد الإنسان بالطاعات ويكثر من النوافل والعبادة، وكلِّ ما من شأنه أن يُعينه في رحلته.
وأبدع ابن المعتزّ حينما نَظَم في هذا المعنى شعراً، فقال: 
خَلِّ الذنــوبَ صَــغيــرَها *** وكَبيــــــرَها ذاكَ التُقى 
واصنَع كَمَاشٍ فوقَ أر *** ضِ الشَـوك يَحْــذرُ مــــا يــَـرى
لا تحقِرنَّ صغيـــــــــرةً **** إنَّ الجِبـــالَ مِن الحَصــى

من علامات التقوى:
للتقوى علاماتٌ كثيرةٌ يتصفُ بها المُتَّقون، ومن أهمّها ما يأتي:
1. تعظيم شعائر الله.
2. بذل المال في سبيل الله.
2.المداومة على ذكر الله.
4. ترك المنكرات والابتعاد عنها.
5. التواضع وحُبّ الخلوة للتفكُّر.
6. الحذر من الانحراف والزّيغ.
7. إقامة العدل والبعد عن الظلم.
8. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. 
9. الإيمان بالغيب. 
10. إقامة الصلاة. 
11. اليقين والإيمان التّام بالآخرة.

من ثمار التقوى وفوائدها:
1. نَيل مرضاة الله ومحبته
2. حماية الإنسان ووقايته من ضَرَر الشيطان، فالتقوى حصنٌ للمسلم من الشيطان وكيده، ووقايةٌ من وسوسته.
3. الانتفاع بالقرآن الكريم، فمن أراد أن ينتفع بكتاب الله وبما فيه من بركةٍ وعلمٍ وتوفيق فطريق ذلك تقوى الله.
4. مَعيَّة الله للمتقين، قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ)
6. تَيسير أمور المتقين، قال تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا)
7. عَون الإنسان على التفريق بين الحق والباطل، قال تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ
8. جَلبُ البركات وفتح بركات السماء بإذن الله، قال تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)
9. نَيلُ ولاية الله سبحانه وتعالى، قال تعالى: (إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)
10. تَكريم الله للمتّقين، قال تعالى: (يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ )
11. النَجاة من عذاب الله يوم القيامة. 
12.سببٌ لقبول الأعمال عند الله. التقوى سَببٌ لتكفير الذنوب والسيئات. 13.التقوى سببٌ لنيل ما تشتهيه النفوس في الحياة الآخرة، ونيل ما تستلذُ به الأعين.
14 التقوى سببٌ للفوز بغُرَفٍ تعلوها غُرَف في الجنة.
التقوى في مقام الصيام
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}
الحِكمة العُليا من فرْض الصيام تحقيقُ مقام إيماني عالٍ إنَّه التقوى.
وانظر إلى هذا المعنَى العظيم: لما حرَمنا الله تعالى في الصِّيام من الزاد المادي أعْطانا زادًا خيرًا منه: ﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى ﴾ [البقرة: 197].
إنَّ التقيَّ لن يَظلم ولن يَكذب، ولن يَنظر لحرام، ولن يسبَّ ولن يؤذي، حتى ولو كان كلُّ ذلك في صغير هيِّن.

فالتقوى زاد المؤمنين في حياتِهم الآخرة كما أنَّ الطعام زادُ حياتهم الدنيا، والتقوى التي يحقِّقها الصيام هي ميزانُ معادن الناس عندَ الله تعالى: ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ [الحجرات: 13].
كيف نحقق التقوى بالصيام؟
إنَّ الصيام له خَصيصة تخصُّه دون سائر العبادات، فكلها عبادات فِعلية، أمَّا الصيام فهو عبادة تركيَّة، والناس مطَّلعون على الفعليَّات وليسوا بمطَّلعين على التركيَّات، فمراقبة الله تعالى على الوجهِ الأمْثل هي في الصيام الذي لا يَطَّلع عليه إلا الله، والعبادة التي لا دخْلَ فيها للرِّياء هي صوم رمضان، فليس بتطوُّع يستكثر المرء به ويباهي، ولكن فَرْض يلزمه أداؤه.
فمَن يَحسُّ هذه المعاني في الصيام يظلُّ طولَ وقته مراقبًا لله تعالى الذي يعلم أنَّه الواحد الأحَد الذي يطَّلع على صومه الخفيِّ، فلو اختلَى فأكَل فأنَّى لأحد أن يعلم ذلك؛ لذا لا يستطيع أن يُقدِم على فِعل حرام وهو يستحضر مراقبةَ الله تعالى له.
فالتقوى نتاجُ الإحساس بمراقبة الله تعالى للعبْد، وبُعْد العبدِ عن الرِّياء والعُجْب.
جعلنا الله وإيّاكم من المتقين...
ومن الصائمين ...
وكل عام وأنتم بخير
__________________________________________
نهلة أحمد
المصادرمواقع نت إسلامية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلانات