2019/05/21

الإنسان والزمن ..أ..حسين علي عبيدات

بسمة الصباح ... صباح الخير ... 
الإنسان والزمن ... منذ ثلاثين عاما او اكثر لم يعد ذهني قادرا على حساب الايام كان بيتنا يعج بالضيوف والدار ضيقة وبساط الطعام فقير في تنوع صحونه والوان طعامه ومع هذا وبعد صلاة الظهر كانت الدار تفوح برائحة البصل والفجل والبرغل والايدي تتسارع بالتقاط الطعام والبسمة تعلو الوجوه وتكبر حمدا على النعم فالصغير والكبير والقريب والغريب كانوا يلتفون حول البساط الذي يستقبلهم بكرم وسخاء فهو للضيف كما هو لأهل المنزل ولابد من إلتهام الطعام حتى تفرغ الصحون منها ففي ذلك الوقت لم يكن عندنا غرفة للطعام مع طاولتها ولا صحونا فرنسية الصنع او هاتفا نقالا او عاديا او سجادا عجميا وانما كان عندنا كرما ومحبة والفة بالرغم من ضيق الحال والدار فمنزلنا عبارة عن غرفتان واحدة لوالدي ووالدتي والثانية للنوم فيها نشرب ونأكل ونلعب ونستقبل الضيوف الذين لا يغيبون عن العيون كثيرا مع كانون الحطب الموضوع في وسط الغرفة لينشر الدفء ويطفىء التعب والبرد خاصة واكواب الشاي وهي توزع مع الخبز المحمص واليوم في وقتنا الراهن اصبحنا نملك منزلا فخما ولله الحمد والشكر فيه غرف عديدة واثاثا مستوردا يتسع لكل البشر ولكنهم اختفوا وحين نجتمع على طاولة الطعام المليئة بالبروتينات وكل ماترغبه النفس فلن نجد الافواه التي تلتهم الطعام فالطاولة تفتقد للناس وتبقى الصحون مليئة والغرف تبكي قلة الزوار والجار لم يعد يشعر بما يجري في بيت جاره والاخ يقاطع شقيقه أن احس فاقة أخيه واصحاب الدار اصبحوا في سفر او في القبور والهواتف الذكية أضحت وسيلة لصلة الرحم وفي المناسبات فقط فالكل مريض ومرهق من زمننا الحاضر فالقلب الواسع والصدر الرحب اختفيا من اسامينا فضاقت الدنيا في وقت توسعت فيه جدران المنازل وخلت من ضوضاء الاطفال وضحكة الكبار ولمة الجيران ولهفة الصديق والقريب وصرخات الباعة التي تطرق الباب والميزان وكفتيه العادلة في وزن الخضار تلعب و بأبخس الأثمان وليوم مؤجل الدفع ويقولون لماذا تغير الزمن فأقول الزمن لم يتغير وانما النفوس هي التي تغيرت و اصبحت الاخلاق والمشاعر في المزابل لتسود المادة حركة الانسان وتكون قانونه في علاقاته مع الغير ... صباح الزمن الجميل ... صباح الخير ...
حسين علي عبيدات
Hussein Alnayef Obaidat

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلانات