2015/07/28

مقدمة في علم العروض ----للأستاذ الشاعر عمّار نقاز

بسم الله الرّحمٰن الرحيم
نعكف بدءا من اليوم على نشر مبادئ مبسطة تفيد كل مهتم بالشّعر ،فنسأل الله التوفيق والسّداد لما فيه كل الخير .
مقدمة في علم العروض-
_________________...

دأب النَّاس منذ القديم إلى تقسيم الكلام إلى منظوم ومنثور ،ولعلّ هذا من أبسط التّقسيمات والتفريق بين المنظوم (الشّعر )والمنثور(النّثر) معروف بالفطرة والبداهة ،فالمنثور هو الكلام المرسل الذي لا تحدّهُ حدود ولا تقيّدهُ قيود ،وأمّا المنظوم فقد جرى على الألسنة بوصفه هو الكلام الموزون المقفى ؛إذْ أنّ الشّعر يقوم على أربعة أشياء وهي اللفظ والوزن والمعنى والقافية ،كما يرى ابن رشيق القيرواني في كتابه العمدة في محاسن الشعر وآدابه.
ومن هنا يتّضح لنا أنّ الوزن هو أحد أركان الشّعر ،وقد كان العرب القدامى يعرفون الوزن بالسّليقة وكان شاعرهم سليقيا ينظم فيهز ويسمع فيُطرب،ويقول فيُعرب كما قال أحد الأعراب
ولستُ بنحوي يلوكُ لسانهُ
ولكنّي سليقيٌّ أقول فأُعربُ
وبدءا من القرن الأوّل الهجري أصبحت الحاجة ماسّة إلى تأصيل الأوزان (خلق قواعد لها)،وهاهي مدينة البصرة أنجبت لنا عبقريا فذًّا تحمّل عناء ذلك هو الخليل بن أحمد الفراهيدي المتوفى حسب أجرح الروايات سنة 160ه أعلم أهل زمانه وأذكاهم وأفضلهم وأتقاهم على حد تعبير جلال الدين السيوطي في كتابه المزهر في علوم اللغة وأنواعها ،وقد أسلمه ذكاؤه وعقله إلى وضع علم العروض وأسسه وأقسامه؛ ووضع أسمائه ومصطلحاته عامدا إلى ضبط القلوب الموسيقية وحصرها ،وقد ذكر بن خلكان في كتابه وفيات الأعيان ؛أن الخليل لم يأخذ علم العروض عن حكيم ،وإنما اخترعه من ممرّ له بسوق الصفارين(بائعي النّحاس)من وقع مطرقة على طست(إناء مستدير من نحاس)،حيث أخذ من أوزان هذا الواقع الصوتي المعيار الذي عرض عليه ما يحفظ من أشعار العرب.
إذن فالمؤكد أنّ الخليل هو الذي استنبط علم العروض ،وأخرجه إلى الوجود وحصر أقسامه في خمس دوائر واستخرج منها ستة عشر بحرا ،وقد جمعت البحور في قولهم :
طويل مديد فالبسيط فوافرٌ
فكامل إهزاج الأراجز أرملا
سريع سراح فالخفيف مضارعٌ
فمقتضبٌ مجتثٌ قرّب لتفضلا
نكتفي بهذا القدر لهذه الحلقة ونكمل في الحلقات القادمة إن شاء الله تعالى .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلانات