2015/07/30

( إبني يعلمني ) بقلم الأديب مجدي الرميسي

"ابنى يعلمنى":
الناس نيام فإذا "أنجبوا" انتبهوا
الإيمان والكفر، النجاح والفشل، الموت والميلاد.. هذه هى الثنائيات الكبرى التى يمر بها الإنسان وتصنع حياته، لكن هذه السلسلة الثنائية يحدث بها خلل ما، فيشغلنا الإيمان والنجاح والموت مع أن المفروض أن يشغلنا الإيمان والنجاح والميلاد أن "الميلاد" غفل عنه الجميع واحتفوا بـ"الموت" "خوفا ورهبة" ولم ينتبهوا لمعجزة المعجزات ولم يداعبوا مشاعر الحب الحقيقية والباب الملكى الإلهى الذى ينبت فى الأرواح عند رؤية "الطفل" الذى يأتى من العدم ليفرض بعد ذلك أسلوبه ويعيد ترتيب العالم من جديد أن أصحاب العقول والقلوب ينتبهون لهذا الحدث الجلل (الميلاد) منذ اللحظة الأولى، يتأملون بطون نسائهم ويترقبون المجىء المبارك ويعدون الأيام البطيئة لتأخذ الحياة شكلا آخر وليكتشف الإنسان أن حياته لها بعد جديد ولها شأن مغاير لم يره من قبل، ربما حينها يشعر بنفسه وتنهال عليه شلالات التذكر، ويعرف أن هذا الطفل سيكون له أثر كبير فى كل تفاصيل حياته وسيضع يده على أشياء لم ينتبه إليها الأب أولها "الإنسانية" فتشعر بأن (شيئا ما يقول لك إن إنسانيتك تكتمل الآن، نصفك البشرى يتجسد مع نصفك الروحى".وتكمن الصورة الكبرى فى رؤية أنه اعتبر المعادلة بين الابن والأب لها "هيئة غير التى كنا نظنها"، انتبه إلى أن "المولود" هو "المدرسة" التى تفيض بعلمها ووعيها وإدراكها على تلاميذها "الأب والأم" وأول الذى يفعله الطفل أنه يجعلك تعرف بأن "الله" حق يخلق ويرسل معجزاته طوال الوقت وأن الناس نيام فإذا "أنجبوا" انتبهوا وأن رسله ما زالوا يتوالون علينا طوال الوقت ونحن مشغلون عنهم، كما أنه يجعلك تسمع دقات قلبك فتعرف أن الإيقاع هو من يحمى الروح من الصدأ وأن "جرح لم تشفه الموسيقى، هو جرح لا يندمل، وألم لم تمحه الموسيقى، هو ألم مقيم".ادعوا إلى اتباع الفطرة التى فطرنا الله عليها، أن نضحك عندما يأتى الضحك ونبكى عندما توجعنا قلوبنا، أن نصمت لو أردنا التأمل ونثرثر لو أردنا "الونسة".. يكبر ابنك بين يديك وفى كل يوم هو فى شأن جديد ثم يصبح "المعلم الأكبر" ويغدو "شيخك" وتصير أنت المريد المطيع تتبع "إشاراته" ولا تسأل عن مغزاها فبعد قليل سوف تكتشف "الحكمة الكبرى" و"الفيض العظيم" فى هذه التصرفات وفى تلك الإشارات. يحدد عناصر التعلم التى اكتسبها من مصاحبة "طفله" فلا يبخس حق نفسه يقول "تتعلم منه ويتعلم منك" لكنه يعترف بأن "ابنه" دائما ما يملك الحقيقة الكبرى التى اجتهد "الأب" فى إيصالها إليه، يختصر هو الشرح الطويل ويفعلها فى حركة واحدة ودون "كلمة"، وحينها وبعد وقت قصير سيتغير قاموس حياتك وتصبح للمفردات والأشياء التى ترددها ليل نهار فى حديثك وكتابتك معانٍ جديدة وكأنك لأول مرة تتعرف على "القلب، الروح، الإيمان، الرحمة، القضاء، القدر، الحزن، الفرح، الأمن، الخوف، الحب، الغضب، السهر، الليل، العمر، الحرية، المسئولية، القوة، الضعف".ومن خلال "صوفية" وهى صوفية لا تركن لحال واحد لكن مداركها مختلفة ومدارجها متنوعة ومن خلال لغة شعرية تليق بنص يخاطب الروح، تشعر كأنك أول إنسان على وجه الأرض وأن طفلك هو الأول أيضا فى هذا العالم معا يمسك هو بيده الصغيرة يدك الكبيرة وتقودان العالم.
مجدى الروميسى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلانات