زهرة الدفلي...قصة قصيرة بقلم صابر حجازى
زاد إصرارى على الاستمرار فى طرق الباب ، بعد أن جذبت إحدى بناتها سروالى ، فطرقت الباب مرتين بقوة ، بعد برهة.. انفتح الباب
كان شعرها كفارس خارج من معركة شرسة ، عيناها زائغتان ، على شفتيها بضع كلمات تساقطت قبل أن تفتح لى ، .. إنها شبه مذعورة تعلو وجهها صفرة غريبة.
ألقيت عليها السلام ، انسحبت ابنتها الى الوراء لتعود للعب أمام المنزل مع أختها ، أشارت علي بالدخول الى غرفة الاستقبال ، جلست على أول مقعد صادفنى ، طلبت منها كوب ماء مع رجاء أن يكون مثلجاً ، وكأننى ألقيت إليها بطوق النجاة ، فهرولت من أمامى ...
تأخرت لبعض الوقت ، إن زوجها قد سافر الى إحدى الدول العربية بحثاً عن نقود البترول ، وهكذا استطاع بناء هذه العمارة التى يسكن فيها بالدور الارضي ويترك الثلاثة أدوار الاخرى للمستقبل، ولولا سفره ما كان هذا الصالون وساعة الحائط ، ومنضدة الرخام ، وتلك السجادة التى تغوص فيها قدماي الآن .
كل هذا الوقت لإحضار كوب ماء ؟ .. ربما تصفف شعرها وتعدل من هندامها ، ولكن لا أدرى لماذا هذا الارتباك الذى ننتابها..،.. زوجها مسافر الآن، لتدبير تكاليف شراء قطعة أرض اخرى على أطراف مدخل بلدتنا، وهو الآن يجمعّ تكاليف هذه الأرض النائية .
لاحظت عودتها الى الشقة ، جاءت اخيراً بكوب ماء وبه قطعة ثلج.
-آسفة ..(فالثلاجة) معطلة منذ عدة أيام
بعد أن شربت سألتها عن أخبار زوجها
قالت فى اقتضاب:- "إنه بخير"
لاحظت انها حافية القدمين.. !.. وما زالت فى عينها نفس النظره الزائغة
- لقد حضرت لاستعير كاميرا التصوير.. فاليوم
عيد ميلاد ابنتى ، طبعاً ستحضرين
- طبعاً
قامت من جلستها دون ان أكمل حديثى ، أحضرت (الكاميرا)
- أسفة ، لقد تأخرت عليك ، ولكن أرجو ان تلاحظ أن بها أربع لقطات من فيلم منتهى
- اذا.. لابأس ، لا داعى لها
- لا بل خذها ، أكمل ما فيها من صور.. فإن ذلك شيء عادٍ ، ثم إستخدم فيلما جديدا
- نعم ، لكن...
- لا عليك
عندما كنت أحدثها ، كانت تحرك أصابع قدميها و دائمة النظر إلى ساعة الحائط ، إن هناك شيئاغريبا؛ فإنها ليست على عادتها ، .....
مرت فترة صمت ، كانت الساعة الخامسة بعد العصر
قلت :- شكرا على الكاميرا، وآسف على الإزعاج
قالت :- لا، أبدا ، 'إنت تشرف'
وعند خروجى من حجرة الاستقبال الى باب الشقة، توقفت مودعاً ، فوقع نظرى على حجرة النوم؛ فقد كانت فى وجهي تماماً. وفى هذه اللحظة رأيت حذاء أبيض رجاليا ينسحب إلى أسفل السرير ...
قلت :- شكرا جزيلا
و خرجت الى الشارع ، كانت طفلتاها مازالتا تلعبان ، نظرت إليهما وأدركت لماذا سيتم شراء الأرض علي أطراف المدينة .. وفى طريقي أيقنت لماذا انتشر العمران فى بلدتنا وقَلت خيراتها....!!
----------
الجدير باالذكر أن زهرة "الدفلى" موطنها الأصلي حوض البحر الأبيض المتوسط
وتحتوي على «جلوكوسيدات ونيروسيدات واولياندوسيدات» وجُلها تسبب قصورا في وظائف القلب، وقد يصاب الإنسان البالغ بالتسمم عند تناوله ورقة من هذا النبات، أو عند ملامسته السائل اللزج الأبيض الذي يخرج من سيقانها أو أوراقها وتناول الطعام مباشرة دون أن يقوم بتنظيف يديه، كما أن الدخان المتصاعد من حرق السيقان والأوراق قد يصيب الإنسان أيضاً بالتسمم
*************************
الكاتب
- الإسم = صـــــــــابــر - اللّقب = حجــــــــــازى
الجنسيّة = عــــــربي - مــصــــرى
يكتب الشعر والقصة القصيرة والمقال والنقد الادبي
- ينشر إنتاجه منذ سنة 1983 في العديد من الجرائد والمجلاّت والمواقع العربيّة …
-اصدر
1- نبضات قلبين...............مجموعة شعرية 1983
2- فصائد الرحيل السبعة.......مجموعة شعرية 1984
3- ولكني مازلت احبك ........مجموعة شعرية 1986
4- قصص ممنوعة...........مجموعة قصصية 1987
5- الزمن ووجة العاشق القديم..مجموعة شعرية 1988
6- مدخل الي الابداع الشعرى ....مقالات نقدية 1994
عضو بعدّة نوادي ثقافيّة وأشرف علي الصفحات الادبية
بالعديد من الجرائد والمجلات المصرية لسنوات طويلة.
-شارك بالعديد من الندوات والمهرجانات الادبية
كما شارك في العشرات من الأمسيّات الشعريّة والقصصيّة.
- نظم الكثير من الأمسيّات الأدبيّة
- له في انتظار النّشر : -
( مخطوطات) :
1- ما تعسر من الحب..شعر بالعامية المصرية
2- الحب في زمن الفراق.....مجموعة شعرية
3- العودة الي الله .............كتابات اسلامية
4- اعدام محامي...............قصص قصيرة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق