2016/06/30

نكبة ووجع بقلم الأستاذ الشاعر عبد الواحد الزيدي

نكبة ووجع ( قصة ):
كانوا ثلاثة، وأمهم التي فقدت زوجها في الحرب التي أصبحت أرملة، وربة أسرة لا تجدي نفعا، وليس هنالك باليد حيلة.
مضى شهرهم الأول بعد تيتمهم يقتاتون ماتبقى لهم من القمح، وحبات الفول، ونصف لتر من زيت.
كان هذا محصول ماكدح فيه المرحوم الذي كان يعتمد على العمل اليومي إن وجد؛ ليعول أسرته المنكوبة جدا جدا. . . لتأتي فاجعة موته في حرب ليس له فيها ناقة أو جمل.
دخل عليهم شهرهم الثاني وإذا بمالك البيت يدفع بهم نحو المجهول بحجة "لم يدفعوا له" ذلك الثمن البخس. . . تبا له من إنسان!!
الأم ذرفت دمعها دون صوت حتى لا يعلم أطفالها الثلاثة، وبدأت بجمع مالديهم من أغراض طبخ، وملابس قديمة في كيسين صغيرين تحملهم اليد.
ناموا تلك الليلة الأطفال ببراءتهم الطفولية الفطرية وهم لا يعلمون أمهم لم تكتحل عينيها المنام من جور الموقف وإلى أين تذهب في الغد الباكر، وكيف يكون مصيرهم.
أتى الصباح كعادته، وتسللت خيوط الشمس تلك النافذة الوحيدة المتهشمة حتى التلف فأيقضت الأم رعيتها للرحيل إلى يعلم الله المستقر.
ركضت الأم مبكرا تحمل كيسيها المنغوصة كأثاث، ويركض معها الفتية المنكوبين حتى أستقروا مع أذآن المغرب تلك المدينة المنكوبة أيضا. .
لم يأكلوا شيئا منذو صباحهم الباكر حتى وصل بهم ترحالهم المدينة سوى حبتين من بقايا خبز خطفه الإبن الأكبر بعد طلب الإذن من صاحب البقالة بحجة إنه مرمي في صندوق قمامة تلك البقاله.
أسدل الليل ستاره المظلم على تلك المدينة الطافية والأم الأرملة وأطفالها دون مأوى، وكانت الأجواء هطل ورذاذ.
خلت الشوارع من المارة، وأقفل الباعة متاجرهم، وعادوا حيث يسكنون، والمسكينة تبكي بصمت حتى شحب صوتها دون جدوى.
الأبناء المنكوبين يسألون أمهم المنكوبه؟
أماه أين ننام؟ ومن أين لنا فرش ولحاف؟
الأم تفكر مليا وتمتنع عن الإجابه، من بعد لحظات التفاكير والتفاسير. .
الأم تحمل أصغر أطفالها بيد وتمسك الأثنين بيدها الأخرى لتمضي بهم بخوف شديد، وحياء قاتل، وعفة، وكرامة ليحطوا رحالهم عند نهاية الحارة بجوار حوش قديم مفترشين الأرض وملتحفين السماء.
وعند صباح اليوم الثاني من رحيلهم كانت الفاجعة المؤلمة جدا حيث وجد عامل النظافة جثثهم المتحوله إلى أشلاء وقطع صغيره متناثرة، وأثر دم على جدار ذلك الحوش القديم.
كانوا جوار مخزن أسلحه احترق!

بقلمي/
#عبدالواحدالزيدي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلانات