((( نداء خفي )))
-2-
كلُّ شيءٍ لو تفكَّرنا به . . . لَوَجدناهُ تعابيراً غريبةْ
ربما ينطقُ في كيفِيَّةٍ . . . ما لنا من لغةٍ منها قريبةْ
إنْ عَجِبْنا مِنْ أُمورٍ عَجَبٍ . . . فحياةٌ نحن فيها لَعَجيبةْ
فسلكنا سُبُلاً ما اشتَمَلَتْ . . . دِقَّةَ الدنيا بآفاقٍ رحيبةْ
أيها الساهِرُ مَلَّتكَ الرؤى . . . أ عَشِقْتَ العُمْر في صَرح الخيالْ ؟
أتُرى تبغي اكتمالاً ما له . . . في عقول الناس أشكال الكمالْ
عشْ كما عاش الورى إن لم تجد . . . من يحب العيش في أعلى الجبالْ
لست تدري ربما أنت لدى . . . جدل يرديك في بحر الجدالْ
أيها الساهر نم إنّ الورى . . . نُوَّمٌ لم يعشقوا وقت السهرْ
أسروا الأرواح في أجسادهم . . . وهمُ أسرى لناموس القدرْ
ما بأيديهمْ سوى أن يخضعوا . . . لقوانين تناهت في الصغرْ
فقيودٌ قيَّدت أفكارهمْ . . . وقيودٌ لانتقادات البشرْ
وكأنّي أقبس الأفكار من . . . عالم خلف بحور من خيالْ
خارق الأوصاف مكنون به . . . كل ما كان لدى الذات وزالْ
رائع المرقى سوى أنَّ له . . . طرقاً صعب على الفكر تنالْ
إنما نحن على قمتنا . . . حجر بين جبال وتلالْ
أيها الساهر قول ضائع هذه الدنيا وبدر ساطعُ
أنت من أنت؟ اندثارٌ مثل من . . . ذهبوا إن أنت إلاّ طائعُ
أيها الساهرُ لا الفكرُ له . . . من حدودٍ فهْوَ عنها راجعُ
منتهى الضعف إذا حَلَّ بهِ . . . قَدَرٌ فهْو مَقُودٌ خاضعُ
أيها الساهر مَن يعرفُ مَن . . . إنْ يجِدَّ الجد أو يقوى العَنَتْ
لا تُغَرَّرْ بكلامٍ عابرٍ . . . فإذا ما نطق الحقُّ سَكَتْ
فالمعاني أوجَدَتها فِكَرٌ . . . وأمورُ الغيبِ عنها اتَّسَعَتْ
لا يُداني كُنْهَها مُتَّسَعٌ . . . في عقولٍ في مداها رُبِطَتْ
قَدَرُ الدنيا بأنْ ليس بها . . . مَن يرى الكونَ بآلاف الوجوهْ
ليس في النُسكِ خُمودٌ إنما . . . عَبَقُ الدين بعِلمٍ هو فيهْ
منهجٌ يمشي به الناسُ له . . . ألفُ بابٍ واحدٌ همْ داخلوهْ
فكأنَّ الدين في أفكارهمْ . . . مسلك يُفضي لما هم يشتهوهْ
إِذْ مَشينا خلفَ مَن قد سَلَفوا . . . وعرَفنا بعضَ ما قد عرَفوا
وتَبعناهم بِعاداتِهمُ . . . ما لدينا مَنهَجٌ مُختلِفُ
ما لدينا من جَديدٍ في الرؤى . . . بلْ تَبِعنا فكرَ ما قد خلَّفوا
وعلى ذاكَ يسيرُ الناسُ ما . . . مِن جريءٍ للرؤى يَنتَصفُ
شعر/د. رشيد هاشم الفرطوسي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق