2017/12/26

((( نداء خفي ))) -2- شعر/د. رشيد هاشم الفرطوسي

((( نداء خفي )))
-2-

كلُّ شيءٍ لو تفكَّرنا به . . . لَوَجدناهُ تعابيراً غريبةْ

ربما ينطقُ في كيفِيَّةٍ . . . ما لنا من لغةٍ منها قريبةْ

إنْ عَجِبْنا مِنْ أُمورٍ عَجَبٍ . . . فحياةٌ نحن فيها لَعَجيبةْ

فسلكنا سُبُلاً ما اشتَمَلَتْ . . . دِقَّةَ الدنيا بآفاقٍ رحيبةْ

أيها الساهِرُ مَلَّتكَ الرؤى . . . أ عَشِقْتَ العُمْر في صَرح الخيالْ ؟

أتُرى تبغي اكتمالاً ما له . . . في عقول الناس أشكال الكمالْ

عشْ كما عاش الورى إن لم تجد . . . من يحب العيش في أعلى الجبالْ

لست تدري ربما أنت لدى . . . جدل يرديك في بحر الجدالْ

أيها الساهر نم إنّ الورى . . . نُوَّمٌ لم يعشقوا وقت السهرْ

أسروا الأرواح في أجسادهم . . . وهمُ أسرى لناموس القدرْ

ما بأيديهمْ سوى أن يخضعوا . . . لقوانين تناهت في الصغرْ

فقيودٌ قيَّدت أفكارهمْ . . . وقيودٌ لانتقادات البشرْ

وكأنّي أقبس الأفكار من . . . عالم خلف بحور من خيالْ

خارق الأوصاف مكنون به . . . كل ما كان لدى الذات وزالْ

رائع المرقى سوى أنَّ له . . . طرقاً صعب على الفكر تنالْ

إنما نحن على قمتنا . . . حجر بين جبال وتلالْ

أيها الساهر قول ضائع هذه الدنيا وبدر ساطعُ

أنت من أنت؟ اندثارٌ مثل من . . . ذهبوا إن أنت إلاّ طائعُ

أيها الساهرُ لا الفكرُ له . . . من حدودٍ فهْوَ عنها راجعُ

منتهى الضعف إذا حَلَّ بهِ . . . قَدَرٌ فهْو مَقُودٌ خاضعُ

أيها الساهر مَن يعرفُ مَن . . . إنْ يجِدَّ الجد أو يقوى العَنَتْ

لا تُغَرَّرْ بكلامٍ عابرٍ . . . فإذا ما نطق الحقُّ سَكَتْ

فالمعاني أوجَدَتها فِكَرٌ . . . وأمورُ الغيبِ عنها اتَّسَعَتْ

لا يُداني كُنْهَها مُتَّسَعٌ . . . في عقولٍ في مداها رُبِطَتْ

قَدَرُ الدنيا بأنْ ليس بها . . . مَن يرى الكونَ بآلاف الوجوهْ

ليس في النُسكِ خُمودٌ إنما . . . عَبَقُ الدين بعِلمٍ هو فيهْ

منهجٌ يمشي به الناسُ له . . . ألفُ بابٍ واحدٌ همْ داخلوهْ

فكأنَّ الدين في أفكارهمْ . . . مسلك يُفضي لما هم يشتهوهْ

إِذْ مَشينا خلفَ مَن قد سَلَفوا . . . وعرَفنا بعضَ ما قد عرَفوا

وتَبعناهم بِعاداتِهمُ . . . ما لدينا مَنهَجٌ مُختلِفُ

ما لدينا من جَديدٍ في الرؤى . . . بلْ تَبِعنا فكرَ ما قد خلَّفوا

وعلى ذاكَ يسيرُ الناسُ ما . . . مِن جريءٍ للرؤى يَنتَصفُ

شعر/د. رشيد هاشم الفرطوسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلانات