2018/11/29

*** دروبُ شوقي ****الشاعر يحـيى _ الهـلال

*** دروبُ شوقي ****
سَلوا عيني ....إذا صَبّتْ عُبابا
عَراها السُّقمُ ...أم بَكتِ الشّبابا
يُجاوبكم فؤادي ... والحنايا
ظَميءُ الوصلِ يَستجدي الشّرابا
تَهيمُ بِذكرِ منْ عَلِقتْ هَواهم
ذَوَتْ وَجداً فأطلقَتِ السّحابا
وأحبابٍ غدوا لِلـرُّوحِ روحاً
أقاموا في القلوبِ لهم شِعابا
عذابُ البـُعدِ أزرى بالمـآقي
فأتـعَبَها ....وألبَسَها السّـرابا
إِذا ما لاحَ في الآفـاقِ نورٌ
تغَطّى في سوادٍ ثُـمّ غابا
ولي قلـبٌ تغـذّى مِن رحيقٍ
تَعـتّقَ في مَحبّـتِهم فـَذابا
فيا أحبابَ قلبي ضِقتُ ذَرعاً
وأغـلَقَـتِ الهُـمومُ عـليَّ بابا
كَفـاني ما تَفـتّقَ من جُـروحٍ
أخـيطُ بها فتَشطُرُني عَـذابا
ثِيـابُ العُـمرِ تَبلـى مثلَ ظِلٍّ
تَـمدّدَ ثُـمّ أسـهبَ ثُـمّ آبا
فليْـسَ لِطالِبِ الـدَّنيا أمـانٌ
ستغـدو فوقَ مالِكِـها خَـرابا
تَمـتّعَ في مفاتِـنـها أُنـاسٌ
طوَتْـهم في دُجـىً وغدتْ يَبابا
شربتُ بكأسِها حُلواً ومُرّاً
مَضتْ حُلَلُ الصِّبا والرّأسُ شابا
وما صَعدَ اللّئيمُ بغيرِ غدرٍ
فَسـادُ الطّـبعِ يُعـطيكَ الجوابا
وما ارتفعَ الكريمُ بغير بَذلٍ
بِـكفٍّ من نـدىً حُـبّاً وطـابا
على قِممِ المعالي قامَ قومٌ
تثـاءبَ ظِلُّــهمْ فَجـراً لُبـابا
فما خُذلَ الهمامُ نوالَ سَعيٍ
وما هـلكَ الشَّقـيُّ إذا أنـابا
وربُّ الكونِ يرزقُ كـلَّ حَـيٍّ
وما عرفَتْ خزائنُـهُ اضطرابا
إلى رَبـعِ الأحبَّـةِ جُـزْ بِروحيْ
تُحَيّي أهـلها سـكنوا القِـبابا
لهيبُ الشّوقِ يُضرمُ في ضلوعيْ
ويطغى ثُـمّ يخترِمُ الإهـابا
حبيبٌ جـاءَ لِلأديـانِ خَتـماً
فكانَ هُداهُ لِلـدّنيـا كِـتابـا
نَبـيٌّ مَـدَّ للأخـلاقِ جِسـراً
لِيعـبُرَ مِنـهُ منْ طلبَ الصّوابا
نبـيٌّ ضـاءَ في الآفـاقِ نوراً
أزاحَ اللّيـلَ واخـترقَ الحِجابا
فقـيرٌ في ثِيـابِ اليُتمِ أضحى
بأهـلِ الجـودِ أرحَـبهمْ جَـنابا
وما لَبِستْ حُروفي ...ثوبَ عِزٍّ
كـما بالمُصطفى لَبِسـتْ ثِيـابا
وما نُظِـمتْ لآلئُ في قَـريـضٍ
ولا رشـفَ الـرّحـيقَ ولا الرُّضـابا
إذا لـم يَـدنُ من تلكَ المَعـالي
ويَنـهلَ من مـنابِعها العِـذابا
وما مَـزجَ الأثـيرَ مثلَ طِـيبٍ
تَعـتّقَ فـي جِـنانٍ ثـمّ آبـا
تكامَلَ حُسـنُهُ خُلُـقاً وخَلـْقاً
كمـا ملكَ الفَـصاحةَ والخِطابا
فلا تَعجـبْ إذا أُحُـدٌ تعالى
بِـهِ حُـبٌّ تَحـرّكَ واسـتطابا
يُهـدِّئُهُ الحـبيبُ بِكلِّ عَطفٍ
لِيُسـكِنَ ما يُؤجِّجُهُ انتِحابا
حَنـينُ الجِـذعِ من ألمٍ وَوجْدٍ
يَضـيقُ الصّدرُ يُـفقِدهُ الصّوابا
عَجِـبتُ لِمنْ دعاهم فاستماتوا
ومـا ذاقـوا بِكـوثرِهِ حُـبابـا
وحُـكمُ اللهِ أزهـقَ كُـلّ شَـرٍّ
وشـاعَ الحـقُّ واكتسحَ الرّحابا
خُيولُ الحَقّ طافتْ كلّ شِبرٍ
أُسـودُ اللهِ ما هَجـرتْ رِكابا
عليكَ صـلاةُ ربّي كلَّ آنٍ
وأرجـو الوصلَ فيها والثّوابا
ولي شـرفٌ كبيرٌ باقتدائي
فأعلو فيكَ حُـبّاً وانتسابا
لَـكمْ مِنـنٌ وفضلٌ لا يُدانى
لِـيومِ البَعثِ يَـحتضنُ الرِّقابا
إمامَ المرسلينَ علوتَ قَـدراً
وما زِلتَ المُعـظّمَ والمُـهابا
إِذا عَـزّ الشّـفيعُ غـداةَ حَشرٍ
وقد فَـزِعوا وما ملكوا خِطابا
تَقـدّمتَ الجُـموعَ بكلّ وُدٍّ
وأعـطاكَ الشّفاعةَ واستجابا
سألـتُ اللهَ للإسلامِ نصراً
يُعيدُ القدسَ ... يكفيها اغترابا
فما رضيَ الأبيُّ حياةَ ذُلٍّ
يُضـيءُ السّيفُ إنْ هَجرَ القِرابا
وما حَفظَ الحقوقَ كمثلِ سيفٍ
أسالَ على جوانبِهِ خِـضابا
فيا وطـناً تـقَـطِّعُهُ المـَـآسـي
غـدا للـظُّلمِ داراً وانـتِهابـا
يُعَشّشُ في جنائنـهِ غُـرابٌ
ويَحمي في مَغاورهِ ذئـابا
متى سيـزولُ عنكَ ظلامُ ليلٍ
فـكلّ الطّيـرِ ينتـظرُ الإيـابا
# يحـيى _ الهـلال
26/11/2018

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلانات