2017/06/17

دقّةُ التّعبيرِ القرآني في اسْتخدامِ الألفاظ: المهندس خليل الدّولة

دقّةُ التّعبيرِ القرآني في اسْتخدامِ الألفاظ:
قالَ تعالى (وهوَ الّذي جعلَكم خلائفَ الأرضِ ورَفَعَ بعضَكم فوقَ بعضٍ درجاتٍ لِيبلوَكم فيما آتاكم إنّ ربَّكَ سريعُ العقابِ وإنّهُ لغفورٌ رحيمٌ) الأنعام 165.
وقالَ تعالى (فلمّا عَتوا عمّا نُهوا عنهُ قلنا لهم كونوا قِرَدَةً خاسئينَ *وإذْ تأذّنَ ربُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عليهم الى يومِ القيامةِ مَنْ يَسومُهم سوءَ العذابِ إنَ ربّكَ لَسريعُ العقابِ وإنّهُ لَغفورٌ رحيمٌ) الأعراف 166-167.
في الآيةِ الأولى ذَكَرَ اللهُ تعالى أنّهُ خَلَقَ آدمَ وذرّيّتَهُ وجَعَلَهم خلائفَ في الأرضِ وجَعَلَهم مُتَفاوتينَ في القوّةِ والقابليّاتِ ليختبرَهم فيما آتاهم من ناحيةِ الطّاعةِ والمعصيةِ وأخبَرَهم أنَّ مآلُهم الى اللهِ فَيثيبُ المطيعَ على طاعتِهِ ويعاقبُ العاصي على معصيتِه.
وفي الآيةِ الثّانيةِ بعدَما أخبَرَنا اللهُ بقصّةِ أصحابِ السّبتِ الّذينَ كانوا يصطادونَ الحيتانَ في اليومِ الّذي نَهاهمُ اللهُ عنِ العملِ والصّيدِ فيه (يومِ السّبت عندَ اليهود) وكيفَ عاقَبَهم بأنْ مَسَخَهم قِرَدةً خاسئينَ (ذليلينَ حقيرينَ) قالَ عنِ اليهودِ أنّهُ كلّما تكرّرَ منهم الفسادُ في الأرضِ سَلّطَ اللهُ عليهم مَنْ يَسومُهم سوءَ العذابِ ، غيرَ أنّنا نلاحظُ عندَ قراءةِ الآيتينِ أنَّ اللهَ تعالى خَتَمَ الآيتينِ بقوله (إنَ ربّكَ سريعُ العقابِ وإنّهُ لغفورٌ رحيم) في سورةِ الأنعامِ و (إنّ ربّكَ لَسريعُ العقابِ وإنّهُ لغفورٌ رحيم) في سورةِ الأعرافِ بزيادة حرفِ اللامِ في قولِهِ (لَسريع العقاب) في الأعرافِ فما السّرُّ في ذلك؟؟.
والجوابُ عن ذلكَ أنّ اللهَ سبحانَهُ إنّما خَلَقَ البشرَ للرّحمةِ وإنّما يأتي العقابُ منهُ على قَدْرِ المعصيةِ فقط ويثيبُ على الطّاعةِ أضعافَ أضعافَ أمثالِها قالَ تعالى (مَنْ جاءَ بالحَسنةِ فلهُ عشرُ أمثالِها ومَنْ جاءَ بالسّيّئةِ فلا يُجْزى إلّا مثلَها وهم لا يُظْلَمون) الأنعام 160 ولهذا أكّدَ على الرحمة والمغفرةِ بزيادةِ (لام التّاكيد) في قولِهِ( لَغفورٌرحيم) في الآيتينِ وفي الآيةِ الثّانية عندما قصَّ علينا قصّةَ أصحابِ السّبتِ وتكرارَ المعصيةِ منهم مرّةً بعدَ مرّة بالرّغمِ من تحذيرهم منَ العقابِ الإلهي وكيفَ مَسَخَهم قردةً خاسئينَ جاءَ ب(لامِ التّأكيدِ) في قولِهِ (لسريع العقاب) للتنبيهِ على عِظَمِ المعصيةِ الّتي وَقَعَتْ منهم وألتّأكيدِ على أنَّ عِظَمَ المعصيةِ والإصرارَ عليها يَسْتوجبُ العقوبةَ العاجلةَ واللهُ أعلمُ فسبحانَ الّذي وسِعَ كلَّ شيءٍ عِلما.
المهندس خليل الدّولة
2017/6/16

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلانات