آراك بقلبي ...... (1)
بقلم: هبه عبد الغني عبد المحسن
طيف أتنقل بين الأغصان وأهمس بين أوراق الشجر، فيعلل البشر وجودى بالنسيم.. وقد أكون النسيم وقد لا أكون.. قليلاً أصبح نجمًا فضيّا يضوى.. ويضوى حتى يحترق مع بزوغ الفجر، ويأخذنى أول شعاع للشمس ويتناثر على سطح الأرض. بينما أنا ذرة تراب تسحقها قطرات الندى أو رملة صفراء تضربها موجة قاسية وقد تهدهدها موجة حانية إلى الشط الآخر.. تعلو الموجة وتنخفض مثل جناحى الذى يحلق فى السماء.. يطير ويرسو.. يحلق ويعلو يصطدم بالسحاب.. وقبل أن أصبح بلورة تلجية تتساقط الأمطار وتتساقط.. أمتزج بألوان قوس قزح لأعبر البلاد والجبال عسى أن أرى حبيبتى، أذوب فى الكون لا يهمنى الزمان أو المكان، فليس لى عمرًا كباقى البشر وليس لى عشًا مثل الجميع أذوب أذوب.. حتى أنسى من كنت أنا؟ هل مُسخ أم طيف أم نسيم، هل أنا ماءٌ أم ترابً.. من أنا؟ حتى وجدت رسمها وجهها .. شعرها ... وعيونها الواسعة الجميلة أنفها الصغيرة شفتاها الناعمة، وحينما حاولت لمسها لم أستطع فإخترقتها ولم تشعر بوجودى، ولكنى أصبحت نسيمًا فتخللت أشعارها ولمست خديها، فمدحتنى قائلة: يا له من نسيم رقيق. وسارت وسارت وأنا فوقها عصفور أحلق حولها عسى أن تعلم حقيقتى.. تتبعتها حتى نامت فى المساء فإخترقت الجدران والأبواب حتى حجرتها، كانت نائمة ملاك جميل شعرها القصير الناعم وأطرافه الذهبية، معه تشجعت أصابعى وداعبت تلك الشعيرات وامتدت لجبهتها وأنفها الصغيرة، حتى استيقظت !!
فشعرت بالخوف وتراجعت ولم تنتبه ولم تشعر بوجودى.. اعتدلت ونامت.. شعرت بالحزن وأنا أنظر لها. لماذا تراجعت؟ لماذا خفت؟ ولكنها لو رأتنى ستصاب بالجنون!! ولن تصدق من أنا؟ رغم أنها حبيبتى.. رأيت أسمها وأسمى مكتوبان بعقدٍ من النور ومرتبطان بأزهار الياسمين الأبيض، كانا مكتوبان على جناح ملاك أبيض جميل يقف أمام قصر أبيض جميل فوق سحابة منيرة عالية عالية فى سماء ليست كمثل سماء البشر.. فبحثت عنها بين القصور وتمنيتها بين الزهور، ولكن الملاك نفض جناحيه فى حزن وقال: انتظر.. إن أميرة قصرك ليست فى هذه السماء ولن تسكن القصر إلا معها.. فشعرت بحزن لم يدق قلبى له، ولكنى عبرت سماءًا وسماءً وسماءً ولا أعلم كم عبرت؟ وفى عام واحد أو فى ألف عام وصلت وبحثت فى كل بقاع الأرض حتى وجدت حبيبتى التي أشبه بالملاك، وحينما وجدتك لم تشعرى بى.. حبيبتى هل تسمعينى أنا هنا أحدثك.. أسمعينى قبل شروق الشمس أرجوك استيقظى. ولكن شعاع الشمس لم ينتظر واخترق الزجاج فطار العصفور إلى النافذة ونظر إليها ورفرف بشدة حتى سقطت منه ريشة فضية لامعة ورحل بعيدًا..
............. يتبع ..........
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق