2017/05/27

هَمْسَةُ عِتَابْ بقلم الشَّاعِرْ الدكتور محمَّدْ القصَّاص


هَمْسَةُ عِتَابْ
بقلم
 الشَّاعِرْ الدكتور محمَّدْ القصَّاص
هَمَسَتْ بِصَمْتِ العاشقينَ فأضْرَمَتْ *** في الصَّدرِ جَمْراً يَسْتَبِيحُ كِيانــي
هَمَسَتْ فأوحتْ لي بِحزمِ مُكَابِــــــرٍ *** قالت فما أضناكَ قد أضنانــــــي
قالتْ كأنَّك ما سَئِمْتُ جِوارَنَــــــــــا *** وتساءَلتْ ماذا عن النِّسْيَـــــــــان
هل تذكري بعضَ اجترار مواجعي *** دهراً وجسمي مُتعبٌ بهوانــــــي
هل تُنْصِفُ الأقدارُ قلبا بائســـــــــا *** بعد اغْتِرابٍ حلَّ في الوجـــــدانِ
يا لاغترابٍ كان أنساني الهــــــوى *** رحلتْ وما رجعَتْ إلى الأوطـانِ
فالشوقُ أرَّقني بنيران الجــــــــوى *** لأعيشَ بالآهاتِ والأحْـــــــــزَانِ
ضَاقتْ بي الأرْجَاءُ وهي رَحِيبَـــةٌ *** والصَّدْرُ ضَاقَ بِخافقي فَجفانـــي
حتى البَلابِلَ غادرَتْ وَكَنَاتِهــــــــا *** رحلَتْ عن الغاباتِ والوديـــــانِ
لا النُّورُ لا النَّسَمَاتُ لا الزهرُ الذي *** أوحى لها بالحبِّ والتَّحنـــــــــانِ 
أوحى لها بالحبِّ وهي كئيبَــــــــةٌ *** مفتونةٌ شوقا إلى الأغصــــــــانِ
ويمامةٌ ناحتْ على أغصانهـــــــا *** نوحا يناغمُ خافقي أعيانـــــــــي
قالت ترفق فيَّ قد ضَاقَ الفَضَــــا *** حولي فأوهن أضلعي وكيانــــي
إني رجعْتُ عن القَطَيعَةِ ضَارعَاً *** للهِ يحفظنا من الطُّغيـــــــــــــانِ
جئْنَا نُنَاشِدُكِ الغرَامَ لعلنــــــــــــا *** أرواحنا قد تَلْتِقي لثَوانِـــــــــــي
حاولتُ نسيان الظلوم وظلمِـــــهِ *** ودعوتُ قلبي مخلصا فعَصَانِـي
تقنا إلى الماضي فأظلمُ حاضِري *** جَفَّتْ عُروقي واكتوى شِرْيانــي
أيُضَمِّدُ الجُرْحَ العَميقَ مُكَابِــــــدٌ *** مثلي ويَحْمِلُ مكرَهَا أحزانــــي 
من يُسْعِف الجُرْحَ الكليمَ فنزفــهُ *** يغشى فؤادي والهوى أدمانــــي
من يمْسَح الدَّمْعَ الغَزِيرَ إذا هَمَـا *** من مُقْلَتي أو فاضَ في الأجْفَـانِ
يَهمِي على الخدَّينِ لا مُتَــــرَدِّداً *** أبداً وقد غصَّتْ به العَيْنَــــــــانِ
إني نظَمْتُ الشِّعْرَ فيكِ فأحْرفِـي *** نُقِشَتْ على الأعْتَابِ والجُـدْرَانِ
فأنا افتديتُكِ بالنَّفيسِ بمُهْجَتِـــــي *** بالرُّوحِ بالأشلاءِ بالوجـــــــدانِ
تُخبرْكِ عني أحرفي وقصائـدي *** تُنبيكِ أشْعاري وسِحْرُ بَيَانِـــــي
إني وحقُّكِ قد يئستُ معيشتـــي *** يوما وأهنأُ في البُعادِ ثَوَانــــــي 
حتى مَتَى نَهذي بأحلامِ الكـرى *** والأمنياتُ هما صَدَى أحْزَانِــي 
عبثَاً سألتُكِ بالخوالي مُؤمِنَــــــا *** بالذِّكرَيَاتِ بكُلَّ ما أعيانــــــــي
بمحبتي بل باضْطِرَامِ جَوارحِي *** بِمَتَاعبي بهواجِسي بِجِنَانِــــــي
لن يُثْنِنِي عَذْلُ العَذُولِ وفعلــــهُ *** حتى هجيركِ واضْطِهَادِ زمَانِي
إني عَشَقْتُكِ فاستطَابَ لي الهوى *** يتلوهُ في الأسْحَارِ بَوْحُ لسانِــي
ما غبتِ عن بالي ولا عن ناظري *** عن بوحِ روحي عن حمى وجدانِي 
فامشِ الهوينى لا يُزايِلُكِ الـرَّدى *** وامض إلى العلياءِ ذاكَ مكانـــــي
قولي بِرَبِّكِ هل سَئمْتِ لقاءنـــــا *** يوما فهذا البعدُ قد أشْجانـــــــــــي
أدْمَيْتِ قلبي بالصُّدُود فقد غــــدا *** صَبا وصَدُّكِ بالضنَّى أضْنَانــــــي
والبُعدُ يحملهُ لِنيرَانِ الهـــــــوى *** والشَّوْقُ يُسْلَمُهُ الجَوى فجَوانـــــي
أسْلمْتُ جرْحي آملا متأمـــــــلا *** حبَّاً فأَسْلمَني لِجُرْحٍ ثانــــــــــــــي
أوْدَعْتُ سِرِّي عَاذلا فأبَاحَـــــهُ *** فالطبعُ طَبْعُ العَاذِلِ الخَـــــــــــوَّانِ
أودَعْتُهُ حُبَّي وأحلامِي معــــــا *** أَوْدَعْتُهُ الإخلاصَ ثمَّ قَلانِــــــــــي
وسألْتُ هذا الليلَ عن أسْــرَارهِ *** ليبوحَ سرَّ الخافقِ الولهـــــــــــانِ 
صارحتُهُ والقَلْبُ مني متعـــبٌ *** بالهمس لكن كان كالطُّوفَـــــــــانِ
قد أسرفوا يوم الفراق بوصفهم *** وتَنَافَسُوا بالصَّدِّ والخُـــــــــــذْلانِ
زوراً وبهتانا ولؤماً يا تُــــرَى *** سِمَةً تَسُودُ طبائعَ الإنســـــــــــانِ
وهنَ الجَنَاحُ فَمَن يطبِّبُ وهنـهُ *** من بعد وهنٍ هل يَطيرُ ثوانـــــي 
حسبي من الآلامِ ما عايَنتُـــــهُ *** حسبي بحُبٍّ الزَّيْف كم أبلانـــــي
أدْمَى فؤادي حينما أفلَ الهـوى *** من خافقي وَبِجمرِهِ أصْلانـــــــي 
تُبَّا لعمرٍ بالهوانِ قضيتُــــــــهُ *** نَكِدَاً وتُعسا إنَّهُ أشقانـــــــــــــــي
أذعَنْتُ والهَمُّ الكبيرُ بِخَافِقِـــي *** أذعنتُ قسراً والنُّهَى يَنْهانـــــــي
أسْلمْتُ للصَّبْرِ الجَمِيلِ فغايتي *** آوي لقلبِكِ وهو ما آوانـــــــــــي
يا عاذلي مهلاً فقد ملَّ النـوى *** قلبي وإني مُتعَبٌ وكَفَانِـــــــــــي
فالشاعرُ المكلومُ قال لجرحـه *** قولا بليغَاً صَادِقا بأمَــــــــــــــانِ
يا ليْتَ كلَّ اثْنَيْنِ بينهُما هَوَىً *** بالنَّاسِ والأنْعَامِ يَلتقيَــــــــــــــانِ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلانات