2017/11/18

أيُّها القلب المعذَّب - الشاعر حكمت نايف خولي

أيُّها القلب المعذَّب 
قلْ لي كيف مرَّتْ سنينُ حياتِك ؟ 
كيف انقضى الزَّمانُ وأنت على ما جُبلتَ عليهِ ؟
لما جُبلتَ هكذا ولما حُرِّمَ الحبُّ عليك ؟
حبٌّ وحيدٌ فريدٌ عشتَه وبعده
أقفلتَ أبوابَك ورميتَ المفاتيحَ
في أعماق بئرٍ عميقٍ ... عميق ....
فتحت قلبك مرةً وحيدةً لحبٍّ وحيد ...
ذقتَ مرارةَ الحنظلِ ...وعانيتَ أشدَّ الآلام ...
تجرَّعتَ كؤوسَ السُّمِّ والحرمانِ حتَّى الثمالةِ ... 
ومن هولِ مأساتكَ أقفلتَ أبوابَ ونوافذَ قلبكَ ...
أقمتَ السُّدودَ والحواجزَ....
وقَيتَ نفسكَ من أبسطِ نسيماتِ الهوى....
وسارتْ سفينةُ حياتك... 
مخرتْ أمواجَ الحياةِ بمجذافِ العقلِ وحده ...
دارت الأيامُ وانقضتْ سنينُ العمرِ وأنت صامدٌ 
لا تهزُّكَ العواصفُ ولا تقوى عليكَ الأعاصيرُ ...
قاومتَ الأنواءَ وقهرتَ المغرياتِ
وبقيتَ قويَّاً شامخاً متعالياً فوق كلِّ ضعفٍ ووهنٍ ...
ماذا حلَّ بك ايُّها القلبُ وماذا أصابكَ ؟ 
كيف فتحتَ نوافذكَ وشرَّعتَ أبوابَك بعدما 
أشرفَ خريفُ العمر على بدايتِه ؟؟
كيف تهدَّمتْ الحواجزُ وانهارتْ السدود؟ 
أصحيحٌ ما يُقالُ أن الرُّوحَ عندما تلقى شطرَها الآخرَ 
يختلُّ توازُنها وتفقدُ زمامَ السَّيطرةِ والتَّعقُّل ؟
وهل للرُّوحِ شطرٌ آخر تظلُّ تبحثُ وتفتِّشُ عنه حتى تلقاه ؟ 
عرفتُها فعرفتُ فيها شطرَ روحي ...
أحببتُ هذا الشطرَ حبَّاً لا يوصفُ بحروفِ اللغةِ 
وتعجزُ الكلمات بالتعبيرِ عنه ...
هو فوق كلِّ وصفٍ وأسمى من كلِّ تعبير ....
العبادة في السماء لله تعالى جُلَّ جلالُه ... 
في عالم الأرضِ والأشياء هل يصلُ الحبُّ الى 
مستوى الذوبانِ والتَّلاشي والانصهارِ
في المحبوب والتعبُّدِّ في محرابِه؟؟ 
الحبُّ في خريفِ العمرِ اذا ما حصلَ 
ليس نزوةً ولا اشتهاءً هو حبُّ العمر كلِّه 
هو التحامُ الرُّوحِ واتحادِها بشطرها الثاني ...
هو لا ينتمي لهذا العالم ولا يبالي بالجسد ....
هل هذا هو الجنونُ يا قلبي ...
أم أنَّه الحبُّ الذي يرقى فوق كلِّ جنون؟ 
حبٌّ يسمو فوق كلِّ حسٍّ ومحسوسٍّ
يعبرُ إلى عالمٍ آخر لا يستوعبُهُ العقلُ ولا تتفهَّمُه الحواس؟ 
إلهي لما تجرِّبُني وتحمِّلني
ما لا قدرةَ لي على استيعابِه وتحمُّلِه ؟؟؟
حكمت نايف خولي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلانات