2018/05/31

لغتنا الجميلة في علم العروض و القافية البحث الثاني في القافية -يكتبها الشاعر والأديب خالد خبازة


لغتنا الجميلة 
في علم العروض و القافية 
البحث الثاني 
في القافية

كنا تحدثنا في البحث الأول عن القافية و أحرفها و أنها مجموعة الحروف التي ينتهي بها البيت الشعري ، و يتحدد مجموعها بآخر حرف ساكن في البيت والذي يسبق حرف الروي وما بعده من الأحرف ، مضافا اليها الحرف المتحرك الذي يأتي قبل الحرف الساكن المذكور مباشرة ، فمجموع هذه الحروف ، هو ما يسمى " حروف القافية " و يسمى الحرف الأخير المتكرر مع الأبيات التي بعد البيت الأول " الروي " فيقال قصيدة رويها باء أو لام أو جيم ..الخ .. 
و قلنا .. انه ، لكي تكون القصيدة متوازنة و القافية مطمئنة وسلسة عذراء لا خطأ فيها ، أن تكون مجموع هذه الحروف في البيت و ما يليه من أبيات منسجمة و متفقة ، و الا اعتبر ذلك خللا ، و اعتبرت القافية معيبة . ليس من حيث تكرار جميع هذه الحروف ، و انما يجب أن تكون هذه الحروف متفقة و متوافقة من حيث الحركة و السكون فيما بينها وفي جميع الأبيات اللاحقة

و القوافي كما يقول الأخفش الأوسط صاحب كتاب القوافي :
ثلاثون قافية ، يجمعها خمسة أسماء : متكاوس ، متراكب ، متدارك ، متواتر ، و مترادف .
1- فللمتكاوس منها واحدة ، فهي كل قافية توالت فيها أربع حركات بين ساكنين . و ان اشتقاق المتكاوس من قولك : تكاوس الشيء ، اذا تراكم ، فكأن الحركات لما تكاثرت فيه ، كأنها تراكمت .. كقول العجاج :

قد جبر الدينَ الالهُ فَجَبَرْ
و كقوله أيضا :
هلا سألت طللا وَ حَمَما

( و هذا النوع قليل )
2- للمتراكب أربع قواف وهي كل قافية توالت فيها ثلاثة حركات بين ساكنين . مأخوذ من قولنا : تراكب الشيء اذا ركب بعضه بعضا . كقول الشاعر (1) :
و ما نزلتُ من المكروه منزلة ... الا وثقت بأن ألقى لها فَرَجا
3- و للمتدارك ست قواف وهي كل قافية توالى فيها حرفان متحركان بين ساكنين , كقول زهير بن أبي سلمى :
و من يك ذا فضل فيبخل بفضله ... على قومه يستغن عنه و يذمَمِ
كأن الحركتين تداركتا فيه 
4- و للمتواتر سبع قواف وهي كل قافية فيها متحرك واحد بين ساكنين . كقول أبي خراش الهذلي :

حمدت الهي بعد عروة اذ نجا ... خراش ، و بعض الشر أهون من بعْضِ
وهو مأخوذ من الوتر ، يعني الفرد
5- و للمترادف اثنتا عشرة قافية ، و هي كل قافية كان آخرها ساكنان و يقال له المترادف لأنه ترادف فيه ساكنان .. كقول الشاعر (2) :
مَنْ عائدي الليلة أم مَنْ نصيحْ ...بتُّ بهمٍّ ففؤادي قريحْ
أو كقول الآخر (3) :
رفّعتَ أذيال الحفي و أربعْنْ ... مشي حيياتٍ كأن لم يفزعْنْ
ان يُمنع اليوم نساءٌ يُمنعْنْ

أما الحروف اللازمة للقافية ، فهي :
التأسيس و الردف و الروي و الوصل و الخروج .. 
و نبدأ أولا .. بالحديث عن حرف الروي

و حرف الروي :
هو الحرف الذي تبنى عليه القصيدة ، و يلزم في كل بيت منها في موضع واحد . نحو قول الشاعر (4) :
اذا قل مال المرء ، قل صديقه ... و أومت اليه بالعيوب الأصابع
العين هنا ، هو حرف الروي وهو لازم في كل بيت . 
و جميع حروف المعجم تكون رويا ، ما عدا :
1- الواو و الياء و الألف ، الزوائد السواكن اللواتي تتبع ما قبله ، فانها لا تكون رويا البتة .
2- الف التثنية ، و واو الجمع ، و ياء ضمير المؤنث ، لا تكون رويا .
3- الألف المبدلة من التنوين ، في نحو قولك ، رأيت زيدا ، لا تكون رويا .
4- النون الخفيفة ، نحو قولك ، اضربنْ ، و الهمزة المبدلة من ألف التأنيث في الوقف ، نحو قولك ، هذه حبلاء .
5- وهاء الوقف وهاء الاضمار و هاء التأنيث ، و كل هذه لا تكون رويا . فان سكن ما قبل هذه الهاءات ، كانت رويا .
و الهاء الأصلية ، يجوز أن تكون رويا اذا سكن ما قبلها ، أو تحرك . كقول رؤبة بن العجاج :

قالت أُبَيْلي لي و لم أُشَبَّهِ ... ما السن الا غفلة المدلّهِ
لما رأتني خلق المموه ... براق أصلاد الجبين الأجلهِ
بعد غذافي الشباب الأبلهِ

و سمي حرف الروي رويا ، لأنه من الرواء ، وهو الذي يشد على الأحمال و المتاع ليضمها ، وروى في كلامهم للضم و الجمع و الاتصال ، و كذلك حرف الروي ، تنضم و تجمع اليه جميع حروف البيت ، فالقوافي على ذلك خواتيم على عنوان الشعر ، جامعة لأطراف معانيه قابضة على أزمّة مهاريه .
والروي هو آخر حرف في القافية المقيدة و هو قبل الوصل في الشعر المطلق .. فالروي في المقيد كالراء في قول امرئ القيس :
فلا و ابيك ابنة العامري ... لا يدعي القوم أني أفرْ
و في المطلق كالميم في قول
و لن يلبث المصران يوم و ليلة ... اذا كلبا أن يدركا ما تيمما
و في الروي من التمكن ما ليس في غيره من الحروف اللازمة ، فقد نجد شعرا خاليا من ألف التأسيس أو من الردف أو من الصلة و الخروج .. و لا يوجد شعر يخلو من الروي .

حرف الوصل :

أما حرف الوصل .. فلا يكون الا واوا أو ياء أو ألفا .. كل واحدة منها ساكنة في الشعر المطلق .
و يكون الوصل أيضا .. هاء .. و ذلك كهاء التأنيث في كلمة " همزة " و نحوها و هاء الاضمار للمؤنث و المذكر ، و المؤنث متحركة كانت أم ساكنة . نحو هاء : غلامه .. و غلامها 
و الهاء التي تبين بها الحركة نحو : 
عليّه و عمه و اقضه و ادعه . تريد: علي و عم و اقض و دع . فأدخلت الهاء لتبين بها حركة هذه الحروف .
فكل هذه الهاءات لا تكون الا وصلا متحركة كانت أم ساكنة . و لا تكون الواحدة منها رويا , الا أن يكون ساكنا ما قبلها .

حرف الخروج :
وحرف الخروج ، لا يكون الا.. واوا أو ياء أو ألفا .. بعد هاء الاضمار اذا كانت وصلا ، نحو الألف بعد الهاء في قول الأعشى :
رحلت سمية غدوة أجمالها ... غضبى عليك فما تقول بدا لها
و الياء في قوله :
تجرد المجنون من كسائهي
و الواو في قوله :
ومهمهِ عامية أعماؤهو
نكتفي بهذا القدر من بحث القوافي .. و سيكون موضوعنا لاحقا في حرف الردف ، و في ألف التأسيس .. راجيا أن أكون قد وفقت .
........
خالد ع . خبازة
اللاذقية

المراجع عدد من كتب التراث
1- البيت لابن الزبير الأسدي من أبيات يقول فيها ك
لا أحسب الشر جارا لا يفارقني ... و لا أحزُّ على ما فاتني الودجا
و ما نزلتُ من المكروه منزلة ... الا وثقت بأن ألقى لها فَرَجا
لا جعل الله قلبي حين ينزل بي ... همٌّ تضيفني ضيف و لا حرجا
و لا ترامي على ما فات مكتئبا ... و لا تراني الى ما قيد مبتهجا
2- البيت لطرفة بن العبد 
3- قاله غلام من بني جذيمة يقال لهم بنو مساحق يرتجز حين سمع القوم بجيش خالد بن الوليد . 
4- ينسب البيت للمخبل السعدي في بيتين :
اذا المرء لم يقنَ الحياء اذا رأى ... مطامع نيل دنسته المطامع
اذا قل مال المرء ، قل صديقه ... و أومت اليه بالعيوب الأصابع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلانات